معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلۡقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَلۡقَىٰ} (65)

وقوله : { إِما أَن تُلْقِيَ وَإِما أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى 65 }

و ( أَن ) في موضع نصب . والمعنى اختر إحدى هاتين . ولو رفع إذ لم يظهر الفعل كان صَوَاباً ، كأنه خبر ، كقول الشاعر :

فسِيرا فإما حاجةٌ تقضِيانها *** وإما مقِيلٌ صَالح وصَديق

ولو رفع قوله { فإما مَنٌّ بَعْدُ وإما فِدَاء } كَانَ أيضاً صَوَاباً . ومذهبه كمذهب قوله { فَإمْساكٌ بِمَعرُوفٍ أَو تَسْريحٌ بإحْسَانٍ } والنصب في قوله { إما أَنْ تُلْقِىَ } وفي قوله { فإما مَنا بَعْدُ وإما فِدَاء } أجود من الرفع ؛ لأنه شيء ليسَ بعامّ ؛ مثل ما ترى من مَعنَى قوله { فإمْسَاكٌ } و{ فَصِيَامُ ثلاَثَةِ أيَّامٍ } لَما كان المعنَى يعمُّ الناس في الإمساك بالمعروف وفي صيَام الثلاثة الأيام في كفَّارة اليمين كان كالجزاء فرُفع لذلكَ . والاختيار إنما هي فَعلة واحدة ، ومعنى ( أفلح ) عاش ونجا .