معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَلَقَدۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِي فَٱضۡرِبۡ لَهُمۡ طَرِيقٗا فِي ٱلۡبَحۡرِ يَبَسٗا لَّا تَخَٰفُ دَرَكٗا وَلَا تَخۡشَىٰ} (77)

وقوله : { لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى 77 }

رفع على الاستئناف بلا ؛ كما قال { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقََا } وأكثر ما جاء في جَواب الأمر بالرفع مع لا . وقد قرأ حمزة ( لا تَخَفْ دَرَكاً ) فجزم على الجزاء ورفع ( وَلاَ تَخْشَى ) على الاستئناف ، كما قال { يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ } فاستأنف بثُمَّ ، فهذا مثله . ولو نوى حمزة بقوله { وَلاَ تَخْشَى } الجزم وإن كانت فيه اليَاء كانَ صَوابا ؛ كما قال الشاعر :

هُزِّي إليك الجِذُع يجنيك الجَنَى *** . . .

ولْم يَقل : يَجْنك الجنى . وقال الآخر :

هجوتَ زَبَّان ثمَّ جئتَ معتذِراً *** من سَبّ زَبَّان لم تهجو ولم تَدَعِ

وقال الآخر :

أَلَمْ يَأتِيكَ والأَنباء تَنْمِى *** بِما لاَقت لَبُونُ بني زِيادِ

فأثبت في ( ياتيك ) الياء وهي في موضع جَزم لسكونها فجاز ذلكَ .