إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلۡقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنۡ أَلۡقَىٰ} (65)

{ قَالُواْ } استئنافٌ مبنيٌ على سؤال ناشئ من حكاية ما جرى بين السحرة من المقارنة ، كأنه قيل : فماذا فعلوا بعد ما قالوا فيما بينهم ما قالوا ؟ فقيل : قالوا : { يا موسى } وإنما لم يتعرض لإجماعهم وإتيانِهم بطريق الاصطفافِ إشعاراً بظهور أمرِهما وغناهما عن البيان { إِمَّا أَن تُلْقِيَ } أي ما تُلقيه أولاً على أن المفعولَ محذوفٌ لظهوره أو تفعل الإلقاءَ أولاً على أن الفعلَ منزّلٌ منزلةَ اللازم { وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ ألقى } ما يُلقيه أو أولَ من يفعل الإلقاءَ ، خيّروه عليه الصلاة والسلام بما ذُكر مراعاةً للأدب لِما رأَوا منه عليه الصلاة والسلام ما رأَوا من مخايل الخيرِ ورزانةِ الرأْي وإظهاراً للجلادة بإراءة أنه لا يختلف حالُهم بالتقديم والتأخير ، وأنْ مع ما في حيزها منصوبٌ بفعل مضمر أو مرفوعٌ بخبرية مبتدأ محذوفٍ أي اخترْ إلقاءَك أولاً أو إلقاءَنا ، أو الأمرُ إما إلقاؤُك أو إلقاؤنا .