معاني القرآن للفراء - الفراء  
{ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمۡ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَا هَـٰٓؤُلَآءِ يَنطِقُونَ} (65)

وقوله : { ثُمَّ نُكِسُواْ على رُءُوسِهِمْ65 } يقول : رجعوا عندما عرفوا من حُجّة إِبراهيم فقالوا : { لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاء يَنطِقُونَ } ( والعِلم والظنّ بمنزلة اليمين . فلذلكَ لِقيت العلم بما ) فقال : { عَلِمْتَ ما هؤلاء } كقول القائل : والله ما أنت بأخينا ، وكذلك قوله : ( وظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ .

ولو أدخلت العربُ ( أنْ ) قبل ( ما ) فقيل : علمتُ أَنْ ما فيك خَير وظننت أَنْ ما فيك خير كان صَوَاباً . ولكنهم إِذا لقي شيئا من هذه الحروف أداةُ مثل ( إن ) التي معها اللام أو استفهام كقولك : اعلم لي أقام عبد الله أَمْ زيد ( أَوْ لئِن ) ولَو اكتفَوا بتلك الأداة فلم يُدخلوا عَليها ( أَنْ ) ألا ترى قوله { ثُمَّ بَدَا لَهُم مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ } لو قيلَ : أن لَيَسْجُنُنَّهُ كان صَواباً ؛ كما قال الشاعر :

وخبَّرتما أن إنما بين بيشَةٍ *** ونَجْرانَ أَحوى والمحلُّ خَصيب

فأدخل أَنْ على إنما فلذلكَ أجزنا دخولها على ما وصفت لك من سائر الأدوات .