الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمۡ لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَا هَـٰٓؤُلَآءِ يَنطِقُونَ} (65)

قوله : { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءُوسِهِمْ } : قرأ العامَّةُ " نُكِسُوا " مبنياً للمفعول مخففةَ الكاف أي : نَكَسَهم اللهُ أو خَجَّلهم . و { عَلَى رُءُوسِهِمْ } حالٌ أي : كائنين على رؤوسهم . ويجوز أن يتعلَّق بنفسِ الفعل .

والنَّكْسُ والتَّنْكيسُ : القَلْبُ يقال : نَكَس رأسَه ونَكَّسه مخففاً ومشدداً أي : طَأطأه حتى صار أعلاه أسفله . وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وابن الجارود وابن مقسم " نُكِّسوا " بالتشديد . وقد تقدَّم أنه لغةٌ في المخفف ، فليس التشديدُ لتعديةٍ ولا تكثيرٍ . وقرأ رضوان بن عبد المعبود " نَكَسُوا " مخففاً مبنياً للفاعل ، وعلى هذا فالمفعولُ محذوفٌ تقديرُه : نَكَسوا أنفسَهم على رؤوسهم .

قولهم : { لَقَدْ عَلِمْتَ } هذه الجملةُ جوابُ قسمٍ محذوفٍ ، والقسمُ وجوابُه معمولان لقولٍ مضمرٍ ، وذلك القولُ المضمرُ حالٌ من مرفوع " نُكِسُوا " أي : نُكِسُوا قائلين واللهِ لقد علمتَ .

قوله : { مَا هَؤُلاءِ يَنطِقُونَ } يجوز أَنْ تكونَ " ما " هذه حجازيةً فيكونَ " هؤلاء " اسمَها و " يَنْطِقون " في محلِّ نصب خبرَها ، أو تميميةً فلا عملَ لها . والجملةُ المنفيةُ بأَسْرِها سادَّةٌ مَسَدَّ المفعولَيْنِ ، إن كانت " عَلِمْتَ " على بابِها ، ومَسَدَّ واحدٍ إن كانَتْ عِرْفانية .