الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا يَأۡتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (11)

قوله تعالى : { وَمَا يَأْتِيهِم } قال الزمخشري " حكايةُ حالٍ ماضيةٍ ؛ لأنَّ " ما " لا تدخُل على مضارعٍ إلا وهو في موضع الحال ، ولا على ماضٍ إلا وهو قريبٌ من الحال " . وهذا الذي ذكرَه هو الأكثرُ في لسانِهم ، لكنه قد جاءَتْ مقارِنَةً للمضارعِ المرادِ به الاستقبالُ كقولِه تعالى : { قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِي } [ يونس : 15 ] ، وأنشدوا للأعشى يمدح النبيَّ صلى الله عليه وسلم :

له صَدَقاتٌ ما يَغِبُّ نَوالُها *** وليس عطاءُ اليومِ مانِعَه غَدا

وقولَ أبي ذؤيب :

أودَى بَنِيَّ وأَوْدَعُونيْ حَسْرة *** عند الرُّقَادِ وعَبْرةً ما تُقْلِعً

قوله : { إِلاَّ كَانُواْ } هذه الجملةُ يجوز أن تكونَ حالاً من مفعولِ " يَأتِيهمْ " . ويجوزُ أن تكونَ صفةً ل " رسول " فيكونَ في محلِّها وجهان : الجرُّ باعتبارِ اللفظ ، والرفعُ باعتبارِ الموضعِ ، وإذا كانت حالاً فهي حالٌ مقدرةٌ .