قوله تعالى : { سُكِّرَتْ } : قرأ ابن كثير " سُكِرَتْ " مبنياً للمفعول مخففَ الكاف ، وباقي السبعة كذلك ، إلا أنهم شدَّدُوا الكاف . والزهري " سَكِرَتْ " بفتح السين وكسرِ الكاف خفيفةً مبنياًَ للفاعل .
فأمَّا القراءةُ الأولى فيجوز أن تكونَ بمعنى المشددة ، فإنَّ التخفيفَ يَصْلُح للقليلِ والكثير ، وهما مأخوذتان من " السِّكْر " بكسرِ السينِ وهو السَّدُّ ، فالمعنى : حُبِسَتْ أبصارنا وسُدَّت . وقيل : بمعنى عُطِبَتْ . وقيل : بمعنى أُخِذَتْ . وقيل : بمعنى سُحِرَتْ . وقيل : المشدَّدُ مِنْ سِكْرِ الماء ، والمخفَّفُ بمعنى سُحِرَتْ . / وقيل : المشدَّدُ مِنْ سِكْر الماءِ بالكسرِ ، والمخفَّفُ مِنْ سُكْرِ الشَّراب بالضم .
والمشهورُ أنَّ " سَكَر " لا يتعدَّى فكيف بُني للمفعول . فقال أبو علي : " ويجوز أن يكونَ سُمِع متعدَّياً في البصر " والذي قاله المحققون مِنْ أهل اللغة أنَّ " سَكَرَ " : إنْ كان مَنْ سَكِرَ الشرابِ ، أو مِنْ سَكَرِ الريح ، فالتضعيفُ فيه للتعدية ، وإن كان مِنْ سَكَرِ الماءِ فالتضعيفُ للتكثيرِ لأنه متعدًّ مخففاً ، وذلك أنه يُقال : سَكَرَتْ الريح تَسْكُرُ سَكَراً إذا رَكَدَتْ ، وسَكِر الرجلُ من الشراب سَكَراً إذا رَكَد ولم يَنْفُذْ لحاجته ، فهذان قاصران ، فالتضعيفُ فيهما للتعدية . ويقال : سَكَرْتُ الماءَ في مجارِيْه : إذا مَنَعْتَه من الجَرْيِ ، فهذا متعدٍّ ، قالتضعيفُ فيه للتكثير .
وأمَّا قراءةُ ابنِ كثير فإن كانت مِنْ سَكَر الماءِ فواضحةٌ لأنه متعدٍّ ، وإن كانَتْ مِنْ سَكَرِ الشَّرابِ أو سَكَر الريحِ فيجوز أن يكون الفعلُ استُعْمل لازماً تارةً ومتعدياً أخرى ، نحو : رَجَع زيدٌ ، ورَجَعَه غيرُه ، وسَعَدَ وسَعَدَه غيرُه .
وقال الزمخشري : " وسُكِّرت : حُيِّرَتْ ، أو حُبِسَتْ من السَّكَر أو السَّكْر ، وقُرئ " سُكِرَتْ " بالتخفيف ، أي : حُبِسَتْ كما يُحْبَسُ النهرُ مِنَ الجَرْيِ " فجعل قراءة التشديدِ محتملةً لمعنيين ، وقراءةَ التخفيفِ لمعنىً واحدٍ .
وأمَّا قراءةُ الزُّهريِّ فواضِحَةٌ ، أي : عُطِبَتْ . وقيل : هي مطاوعُ أَسْكَرْتُ المكانَ فسَكِرَ ، أي : سَدَدْتُه فانْسَدَّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.