الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{لَا يُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَقَدۡ خَلَتۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (13)

والهاء في : { بِهِ } يجوز عَوْدُها على ما تقدَّم من الثلاثة ، ويكون تأويلُ عَوْدِها على الاستهزاءِ والشِّرْكِ ، أي : لا يؤمنون بسببِه . وقيل : للرسولِ ، وقيل : للقرآن . وقال أبو البقاء : " ويجوز أن يكونَ حالاً ، أي : لا يؤمنون مُسْتهزئين " قلت : كأنه جعل " به " متعلقاً بالحالِ المحذوفةِ قائماً مَقامَها ، وهو مردودٌ ؛ لأن الجارَّ إذا وقع حالاً أو نعتاً أو صلةً أو خبراً تعلَّق بكونٍ مطلقٍ لا خاصٍ ، وكذا الظرفُ .

ومحلُّ { لاَ يُؤْمِنُونَ } النصبُ على الحال ، ويجوز أَنْ لا يكونَ لها محلَّ ، لأنها بيانٌ لقوله { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ } .

وقوله { وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ } استئناف .

والسَّلْكُ : الإِدخال . يقال : سَلَكْتُ الخيطَ في الإبْرة ، ومنه { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } [ المدثر : 42 ] يُقال : سَلَكَه وأَسْلكه ، أي : نَظَمَه ، قال الشاعر :

وكنتُ لِزازَ خَصْمِك لم أُعَرِّدْ *** وقد سَلَكُوكَ في أَمْرٍ عَصِيْبِ

وقال الآخر في " أَسَلَكَ " :

حتى إذا أَسْلَكُوهمْ في قُتائِدَةٍ *** شَلاًّ كما تَطْرُدُ الجَمَّالةُ الشُّرُدا