الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَدَّت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يُضِلُّونَكُمۡ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (69)

قوله تعالى : { وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } : { مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } فيه وجهان :

أحدهما : أنها تبعيضية وهو الظاهر .

والثاني : أنها لبيان الجنس ، قاله ابن عطية ، ويعني أن المرادَ بطائفة جميعُ أهل الكتاب . قال الشيخ : " وهو بعيدٌ من دلالة اللفظ " . وهذا الجارُّ على القول بكونها تبعيضيةً في محلِّ رفع صفةً لطائفة ، وعلى القول بكونها بيانية يتعلَّق بمحذوف ، و " لو " تقدم أنه يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكونَ على بابِها من كونها حرفاً لِما كان سيقع لوقوع غيره .

وقال أبو مسلم الأصبهاني : " وَدَّ بمعنى تمنى ، فيستعمل معها " لو " و " أن " وربما جُمِع بينهما ، فيقال : وَدِدْت أن لو فعلت ، ومصدره الوَدادة ، والاسم منه وُدٌّ ، وبمعنى أحَبَّ فيتعدى تعدِّيَ أَحَب ، والمصدر : المَوَدَّة ، والاسم منه وَدّ ، وقد يتداخلان في المصدر والاسم " . وقال الراغب : " إذا كان بمعنى " أَحَبَّ " لا يجوزُ إدخال " لو " فيه أبداً " . وقال الرماني : " إذا كان وَدَّ بمعنى تمنى صَلَح للحال والاستقبال ، وتجوز " لو " ، وإذا كان بمعنى الماضي لم تجز " أَنْ " لأنْ " أَنْ " للاستقبال " وفيه نظر ، لأنَّ " أنَّ " توصل بالماضي .