الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَجَعَلۡنَٰهُمۡ سَلَفٗا وَمَثَلٗا لِّلۡأٓخِرِينَ} (56)

قوله : { سَلَفاً } : قرأ الأخَوان بضمتين ، والباقون بفتحتين . فأمَّا الأُولى فتحتمل ثلاثةَ أوجهٍ ، أحدُها : أنها جمعُ سَليف كرَغيف ورُغُف . وسمع القاسمُ بنُ مَعَن من العرب : " مضى سَليفٌ من الناس " . والسَّليفُ من الناس كالفريقِ منهم . والثاني : أنها جمعُ سالِف كصابِر وصُبُر . والثالث : أنها جمعُ سَلَف كأَسَد وأُسُد . والثانية تحتمل وجهين ، أحدهما : أَنْ يكونَ جمعاً لسالِف كحارس وحَرَس ، وخادِم وخَدَم . وهذا في الحقيقة اسمُ جمعٍ لا جمعُ تكسيرٍ ؛ إذ ليس في أبنيةِ التكسير صيغةُ فَعَل . والثاني : أنه مصدرٌ يُطْلق على الجماعة تقول : سَلَفَ الرجلُ يَسْلُفُ سَلَفاً أي : تقدَّم . وسلَفُ الرجلِ آباؤه المتقدِّمون ، والجمع أَسْلافٌ وسُلاف . وقال طفيل :

4004 مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السَّبيلِ عليهمُ *** صُروفُ المنايا بالرجالِ تَقَلَّبُ

وقرأ عليٌّ كَرَّم اللَّهُ وجهَه ومجاهد " سُلَفاً " بضم السين وفتح اللام . وفيها وجهان ، أشهرُهما : أنه جمعُ سُلْفَة كغُرْفَة وغُرَف ، والسُّلْفَةُ الأمة . وقيل : الأصل " سُلُفاً " بضمتين ، وإنما أَبْدل من الضمة فتحةً .