الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَصۡحَٰبُ ٱلۡمَيۡمَنَةِ مَآ أَصۡحَٰبُ ٱلۡمَيۡمَنَةِ} (8)

قوله : { فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ } : " أصحاب " الأولى مبتدأٌ ، و " ما " استفهامٌ فيه تعظيمٌ مبتدأٌ ثانٍ ، و " أصحاب " الثاني خبرُه والجملةُ خبرُ الأولِ ، وتكرارُ المبتدأ هنا بلفظِه مُغْنٍ عن الضمير ومثلُه

{ الْحَاقَّةُ مَا الْحَآقَّةُ } [ الحاقة : 1-2 ] { الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ } [ القارعة : 1-2 ] ولا يكون ذلك إلاَّ في مواضعِ التعظيم . وهنا سؤالٌ : وهو أنَّ " ما " نكرةٌ وما بعده معرفةٌ ، فكان ينبغي أَنْ يقال " ما " خبر مقدمٌ ، " وأصحاب " الثاني وشبهُه مبتدأٌ ؛ لأن المعرفة أحقٌّ بالابتداء من النكرةِ . وهذا السؤال واردٌ على سيبويه من مثل هذا ، وفي قولك : " كم مالُك " و " مَرَرْتُ برجل خيرٌ منه أبوه " ، فإنه يُعْرِبُ ما الاستفهامية و " كم " و " أَفْعَل " مبتدأ ، وما بعدها خبرُها . والجوابُ : أنه كَثُرَ وقوعُ النكرةِ خبراً عن هذه الأشياء كثرةً متزايدةً ، فاطَّردَ البابُ ليجريَ على سَننٍ واحدٍ . هكذا أجابوا ، وهذا لا ينهضُ مانعاً مِنْ جوازِ أَنْ تكونَ " ما " و " كم " وأفعلُ خبراً مقدماً . ولو قيل به لم يكنْ خطأ بل أقربُ إلى الصوابِ .

والمَيْمَنَةُ : مَفْعَلَةُ من لفظِ اليُمْن وكذلك المَشْأَمَة من اليدِ الشُّؤمى وهي الشِمالُ لتشاؤمِ العربِ بها ، أو من الشُّؤْم .