قوله : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } : فيه أوجهٌ : أحدُها : أنهما مبتدأٌ وخبرٌ . وفي ذلك تأويلان ، أحدهما : أنه بمعنى السابقون ، هم الذي اشْتُهِرَتْ حالُهم بذلك كقولِهم : أنت أنت ، والناسُ الناسُ ، وقولِه :
أنا أبو النجمِ وشِعْري شِعْري ***
وهذا يُقال في تعظيمِ الأمرِ وتفخيمهِ ، وهو مذهبُ سُيبويه .
التأويل الثاني : أنَّ مُتَعلَّقَ السَّبْقَتْينِ مختلفٌ ، إذ التقدير : والسابقونَ إلى الإِيمانِ السابقونَ إلى الجنة ، / أو السابقونَ إلى طاعةِ اللَّهِ السابقون إلى رحمتِه ، أو السابقون إلى الخيرِ السابقون إلى الجنة .
الوجه الثاني : أَنْ يكونَ " السابقون " الثاني تأكيداً للأول تأكيداً لفظيَّاً ، و " أولئك المقرَّبون " جملةٌ ابتدائيةٌ في موضوع خبرِ الأولِ ، والرابطُ اسمُ الإِشارةِ ، كقولِه تعالى : { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26 ] في قراءة مَنْ قرأ برفع " لباسُ " في أحد الأُوجه .
الثالث : أَنْ يكونَ " السابقون " نعتاً للأول ، والخبرُ الجملةُ المذكورةُ . وهذا ينبغي أَنْ لا يُعَرَّجَ عليه ، كيف يُوْصَفُ الشيءُ بلفِظه وأيُّ فائدةٍ في ذلك ؟ والأقربُ عندي إنْ وَرَدَتْ هذه العبارةُ مِمَّن يُعتبر أَنْ يكون سَمَّى التأكيدَ صفةً ، وقد فعل سيبويه قريباً من هذا .
الرابع : أَنْ يكونَ الوقفُ على قولِه " والسابقون " ويكونَ قولُه " السابقون ، أولئك المقرَّبون " ابتداءً وخبراً ، وهذا يقتضي أن يُعْطَفَ " والسابقون " على ما قبلَه ، لكنْ لا يليق عَطْفُه على ما قبلَه ويليه ، وإنما يليقُ عطفُه على " أصحابُ المَيْمنة " كأنه قيل : وأصحابُ الميمنة ما أصحابُ الميمنة ، والسابقون ، أي : ما السابقون تعظيماً لهم ، فيكون شركاءَ لأصحابِ الميمنة في التعظيم ، ويكون قولُه على هذا " وأصحابُ المَشْأمَةِ ، ما أصحابُ المشأمة " اعتراضاً بين المتعاطفَيْن . وفي هذا الوجهِ تكلُّفٌ كثير جداً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.