البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا} (89)

{ ثم أتبع سبباً } أي طريقاً إلى مقصده الذي يسر له .

وقرأ الحسن وعيسى وابن محيصن { مطلع } بفتح اللام ، ورويت عن ابن كثير وأهل مكة وهو القياس .

وقرأ الجمهور بكسرها وهو سماع في أحرف معدودة ، وقياس كسره أن يكون المضارع تطلع بكسر اللام وكان الكسائي يقول : هذه لغة ماتت في كثير من لغات العرب ، يعني ذهب من يقول من العرب تطلع بكسر اللام وبقي { مطلع } بكسرها في اسم المكان والزمان على ذلك القياس ، والقوم هنا الزنج .

وقال قتادة هم الهنود وما وراءهم .

والستر البنيان أو الثياب أو الشجر والجبال أقوال ، والمعنى أنهم لا شيء لهم يسترهم من حر الشمس .

وقيل : تنفذ الشمس سقوفهم وثيابهم فتصل إلى أجسامهم .

فقيل : إذا طلعت نزلوا الماء حتى ينكسر حرها قاله الحسن وقتادة وابن جريج .

وقيل : يدخلون أسراباً .

وقال مجاهد : السودان عند مطلع الشمس أكثر من جميع أهل الأرض .

قال ابن عطية : والظاهر من اللفظ أنها عبارة بليغة عن قرب الشمس منهم ، وفعلها بقدرة الله فيهم ونيلها منهم ، ولو كانت لهم أسراب لكان ستراً كثيفاً انتهى .

وقال بعض الرجاز :

بالزنج حرّ غير الأجسادا***حتى كسى جلودها سوادا

وذلك إنما هو من قوة حرّ الشمس عندهم واستمرارها .

كذلك الإشارة إلى البلوغ أي كما بلغ مغرب الشمس بلغ مطلعها .

وقيل { أتبع سبباً } كما { أتبع سبباً } .