البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا} (93)

قال وهب : السدّان جبلان منيفان في السماء من ورائهما ومن أمامهما البلدان ، وهما بمنقطع أرض الترك مما يلي أرمينية وأذربيجان .

وذكر الهروي أنهما جبلان من وراء بلاد الترك .

وقيل : هما جبلان من جهة الشمال لينان أملسان ، يزلق عليهما كل شيء ، وسمي الجبلان سدّين لأن كل واحد منهما سد فجاج الأرض وكانت بينهما فجوة كان يدخل منها يأجوج ومأجوج .

وقرأ مجاهد وعكرمة والنخعي وحفص وابن كثير وأبو عمرو { بين السدين } بفتح السين .

وقرأ باقي السبعة بضمها .

قال الكسائي هما لغتان بمعنى واحد .

وقال الخليل وسيبويه : بالضم الاسم وبالفتح المصدر .

وقال عكرمة وأبو عمرو بن العلاء وأبو عبيدة : ما كان من خلق الله لم يشارك فيه أحد فهو بالضم ، وما كان من صنع البشر فبالفتح .

وقال ابن أبي إسحاق ما رأت عيناك فبالضم ، وما لا يرى فبالفتح .

وانتصب { بين } على أنه مفعول به يبلغ كما ارتفع في { لقد تقطع بينكم } وانجر بالإضافة في { هذا فراق بيني وبينك } و { بين } من الظروف المتصرفة ما لم تركب مع أخرى مثلها ، نحو قولهم همزة بين بين .

{ من دونهما } من دون السدين و { قوماً } يعني من البشر .

وقال الزمخشري : هم الترك انتهى .

وأبعد من ذهب إلى أنهم جان .

قال الزمخشري : وهذا المكان في منقطع أرض الترك مما يلي المشرق ، ونفى مقارنة فقههم { قولاً } وتضمن نفي فقههم .

وقال الزمخشري : لا يكادون يفهمونه إلاّ بجهد ومشقة كأنه فهم من نفى يكاد أنه يقع منهم الفهم بعد عسر ، وهو قول لبعضهم إن نفيها إثبات وإثباتها نفي ، وليس بالمختار .

وقرأ الأعمش وابن أبي ليلى وخلف وابن عيسى الأصبهاني وحمزة والكسائي { يفقهون } بضم الياء وكسر القاف أي يفهمون السامع كلامهم ، ولا يبينونه لأن لغتهم غريبة مجهولة .