البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞وَلَا تُجَٰدِلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ إِلَّا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنۡهُمۡۖ وَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَأُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمۡ وَٰحِدٞ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (46)

و { أهل الكتاب } : اليهود والنصارى .

{ إلا بالتي هي أحسن } : من الملاطفة في الدعاء إلى الله والتنبيه على آياته .

{ إلا الذين ظلموا } : ممن لم يؤد جزية ونصب الحرب ، وصرح بأن لله ولداً أو شريكاً ، أو يده مغلولة ؛ فالآية منسوخة في مهادنة من لم يحارب ، قاله مجاهد ومؤمنو أهل الكتاب .

{ إلا بالتي هي أحسن } : أي بالموافقة فيما حدثوكم به من أخبار أوائلهم .

{ إلا الذين ظلموا } : من بقي منهم على كفره ، وعد لقريظة والنضير ، قاله ابن زيد ، والآية على هذا محكمة .

وقيل : إلا الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال قتادة : الآية منسوخة بقوله : { قاتلوا الذين لا يؤمنون } الآية .

وقرأ الجمهور : إلا ، حرف استثناء ؛ وابن عباس : ألا ، حرف تنبيه واستفتاح ، وتقديره : ألا جادلوهم بالتي هي أحسن .

{ وقولوا آمنا } : هذا من المجادلة بالأحسن .

{ بالذي أنزل إلينا } ، وهو القرآن ، { وأنزل إليكم } ، وهو التوراة والزبور والإنجيل .

وفي صحيح البخاري ، عن أبي هريرة : كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم »