ثم أخبر تعالى أن أموالهم وأولادهم التي افتخروا بها ليست بمقربة من الله ، وإنما يقرب الإيمان والعمل الصالح .
وقرأ الجمهور : { بالتي } ، وجمع التكسير من العقلاء وغيرهم يجوز أن يعامل معاملة الواحدة المؤنثة .
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون التي هي التقوى ، وهي المقربة عند الله زلفى وحدها ، أي ليست أموالكم تلك الموضوعة للتقريب . انتهى .
فجعل التي نعتاً لموصوف محذوف وهي التقوى .
انتهى ، ولا حاجة إلى تقدير هذا الموصوف .
والظاهر أن التي راجع إلى الأموال والأولاد ، وقاله الفراء .
وقال أيضاً ، هو والزجاج : حذف من الأول لدلالة الثاني عليه ، والتقدير : { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى } . انتهى .
ولا حاجة لتقدير هذا المحذوف ، إذ يصح أن يكون التي لمجموع الأموال والأولاد .
وقرأ الحسن : باللاتي جمعاً ، وهو أيضاً راجع للأموال والأولاد .
وقرى بالذي ، وزلفى مصدر ، كالقربى ، وانتصابه على المصدرية من المعنى ، أي يقربكم .
وقرأ الضحاك : زلفاً بفتح اللام وتنوين الفاء ، جمع زلفة ، وهي القربة .
{ إلا من آمن } : الظاهر أنه استثناء منقطع ، وهو منصوب على الاستثناء ، أي لكن من آمن ؛ { وعمل صالحاً } ، فإيمانه وعمله يقربانه .
وقال الزجاج : هو بدل من الكاف والميم في تقربكم ، وقال النحاس : وهذا غلط لأن الكاف والميم للمخاطب ، فلا يجوز البدل ، ولو جاز هذا لجاز : رأيتك زيداً ؛ وقول أبي إسحاق هذا قول الفراء . انتهى .
ومذهب الأخفش والكوفيين أنه يجوز أن يبدل من ضمير المخاطب والمتكلم ، لكن البدل في الآية لا يصح .
ألا ترى أنه لا يصح تفريغ الفعل الواقع صلة لما بعد إلا ؟ لو قلت : مازيد بالذي يضرب إلا خالداً ، لم يصح .
وتخيل الزجاج أن الصلة ، وإن كانت من حيث المعنى منفية ، أنه يصح البدل ، وليس بجائز إلا فيما يصح التفريغ له .
وقد اتبعه الزمخشري فقال : إلا من آمن استثناء من كم في تقربكم ، والمعنى : أن الأموال لا تقرب أحداً إلا المؤمن الصالح الذي ينفقها في سبيل الله ؛ والأولاد لا تقرب أحداً إلا من علمهم الخير وفقهم في الدين ورشحهم للصلاح والطاعة .
كما ذكرنا ، لا يجوز : ما زيد بالذي يخرج إلا أخوه ، ولا مازيد بالذي يضرب إلا عمراً ، ولا ما زيد بالذي يمر إلا ببكر .
والتركيب الذي ركبه الزمخشري من قوله : لا يقرب أحداً إلا المؤمن ، غير موافق للقرآن ؛ ففي الذي ركبه يجوز ما قال ، وفي لفظ القرآن لا يجوز .
وأجاز الفراء أن تكون من في موضع رفع ، وتقدير الكلام عنده ما هو المقرب { إلا من آمن } . انتهى .
وقوله كلام لا يتحصل منه معنى ، كأنه كان نائماً حين قال ذلك .
وقرأ الجمهور : { جزاء الضعف } على الإضافة ، أضيف فيه المصدر إلى المفعول ، وقدره الزمخشري مبنياً للمفعول الذي لم يسم فاعله ، فقال : أن يجازو الضعف ، والمصدر في كونه يبنى للمفعول الذي لم يسم فاعله فيه خلاف ، والصحيح المنع ، ويقدر هنا أن يجاوز الله بهم الضعف ، أي يضاعف لهم حسناتهم ، الحسنة بعشر أمثالها ، وبأكثر إلى سبعمائة لمن يشاء .
وقرأ قتادة : جزاء الضعف برفعهما ؛ فالضعف بدل ، ويعقوب في رواية بنصب جزاء ورفع الضعف ، وحكى هذه القراءة الداني عن قتادة ، وانتصب جزاء على الحال ، كقولك : في الدار قائماً زيد .
وقرأ الجمهور : { في الغرفات } جمعاً مضموم الراء ؛ والحسن ، وعاصم : بخلاف عنه ؛ والأعمش ، ومحمد بن كعب : بإسكانها ؛ وبعض القراء : بفتحها ؛ وابن وثاب ، والأعمش ، وطلحة ، وحمزة : وأطلق في اختياره في الغرفة على التوحيد ساكنة الراء ؛ وابن وثاب أيضاً : بفتحها على التوحيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.