البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ} (103)

تل الرجلُ الرجَل : صرعه على شقه ، وقيل : وضعه بقوة .

وقال ساعدة بن حوبة : وتل

تليلاً للجبين وللفم . . .

والجبينان : ما اكتف من هنا ومن هنا ، وشذ جمع الجبين على أجبن ، وقياسه في القلة أجبنة ، ككثيب وأكثبة ، وفي الكثرة : جبنات وجبن ، ككثبات وكثب .

{ فلما أسلما } : أي لأمر الله ، ويقال : استسلم وسلم بمعناه .

وقرأ الجمهور : أسلما .

وقرأ عبد الله ، وعلي ، وابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وجعفر بن محمد ، والأعمش ، والثوري : سلما : أي فوضا إليه في قضائه وقدره .

وقرىء : استسلما ، ثلاث قراءآت .

وقال قتادة في أسلما : أسلم هذا ابنه ، وأسلم هذا نفسه ، فجعل أسلما متعدياً ، وغيره جعله لازماً بمعنى : انقاذ الأمر الله وخضعا له .

{ وتله للجبين } : أي أوقعه على أحد جنبيه في الأرض مباشراً الأمر بصبر وجلد ، وذلك عند الصخرة التي بمنى ؛ وعن الحسن : في الموضع المشرف على مسجد منى ؛ وعن الضحاك : في المنحر الذي ينحر فيه اليوم .

وجواب لما محذوف يقدر بعد { وتله للجبين } ، أي أجزلنا أجرهما ، قاله بعض البصريين ؛ او بعد { الرؤيا } ، أي كان ما كان مما تنطق به الحال ولا يحيط به الوصف من استبشارهما وحمدهما الله على ما أنعم به إلى ألفاظ كثيرة ذكرها الزمخشري على عادته في خطابته ؛ أو قبل { وتله } تقديره : { فلما أسلما وتله } .

قال ابن عطية : وهو قول الخليل وسيبويه ، وهو عندهم كقول امرىء القيس :

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحي . . .