البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَلَوۡلَآ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِينَ} (143)

{ من المسبحين } : من الذاكرين الله تعالى بالتسبيح والتقديس .

والظاهر أنه يريد ما ذكر في قوله في سورة الأنبياء : { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } وقال ابن جبير : هو قوله سبحان الله .

وقالت فرقة : تسبيحه صلاة التطوع ؛ فقال ابن عباس ، وقتادة ، وأبو العالية : صلاته في وقت الرخاء تنفعه في وقت الشدة .

وقال الضحاك بن قيس على منبره : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة ، إن يونس كان عبداً ذاكراً ، فلما أصابته الشدة نفعه ذلك .

قال الله عز وجل : { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } .

وقال الحسن : تسبيحه : صلاته في بطن الحوت .

وروي أنه كان يرفع لحم الحوت بيديه يقول : لأبنين لك مسجداً حيث لم يبنه أحد قبلي .

وروي أن الحوت سافر مع السفينة رافعاً رأسه ليتنفس ويونس يسبح ، ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر ، فلفظه سالماً لم يتغير منه شيء ، فأسلموا .

والظاهر أن قوله للبث في بطنه إلى يوم البعث ، وعن قتادة : لكان بطن الحوت له قبراً إلى يوم القيامة .

وذكر في مدة لبثه في بطن الحوت أقوالاً متكاذبة ، ضربناً عن ذكرها صفحاً .