البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{الٓمٓصٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأعراف

{ المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين } هذه السورة مكية كلها قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وعطاء وجابر بن زيد والضحاك وغيرهم ، وقال مقاتل إلا قوله { واسألهم عن القرية } إلى قوله : { من ظهورهم ذرياتهم } فإن ذلك مدني وروي هذا أيضاً عن ابن عباس .

وقيل إلى قوله : { وإذ نتقنا } .

واعتلاق هذه السورة بما قبلها هو أنه لما ذكر تعالى قوله { وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه } واستطرد منه لما بعده وإلى قوله آخر السورة { وهو الذي جعلكم خلائف الأرض } وذكر ابتلاءهم فيما آتاهم وذلك لا يكون إلا بالتكاليف الشرعيّة ذكر ما يكون به التكاليف وهو الكتاب الإلهي وذكر الأمر باتباعه كما أمر في قوله { وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه }

وتقدّم الكلام على هذه الحروف المقطّعة أوائل السورة في أول البقرة وذكر ما حدسه الناس فيها ولم يقم دليل على شيء من تفسيرهم يعين ما قالوا وزادوا هنا لأجل الصاد أنّ معناه أنا الله أعلم وأفصّل رواه أبو الضحى عن ابن عباس أو المصور قاله السدي : أو الله الملك النصير قاله بعضهم أو أنا الله المصير إليّ ، حكاه الماوردي أو المصير كتاب فحذف الياء والراء ترخيماً وعبّر عن المصير بالمص قاله التبريزي .

وقيل عنه : أنا الله الصادق .

وقيل معناه { ألم نشرح لك صدرك } قاله الكرماني قال : واكتفى ببعض الكلام وهذه الأقوال في الحروف المقطعة لولا أن المفسرين شحنوا بها كتبهم خلفاً عن سلف لضربنا عن ذكرها صفحاً فإن ذكرها يدل على ما لا ينبغي ذكره من تأويلات الباطنية وأصحاب الألغاز والرموز .