البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قُلۡ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِي رَبّٗا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيۡءٖۚ وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَيۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (164)

{ قل أغير الله أبغي ربّاً وهو ربّ كل شيء } حكى النقاش أنه روي أنّ الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ارجع يا محمد إلى ديننا واعبد آلهتنا واترك ما أنت عليه ونحن نتكفّل لك بكل ما تريد في دنياك وآخرتك فنزلت هذه الآية والهمزة للاستفهام ومعناه الإنكار والتوبيخ وهو رد عليهم إذ دعوه إلى آلهتهم والمعنى أنه كيف يجتمع لي دعوة غير الله رباً وغيره مربوب له .

{ ولا تكسب كل نفس إلا عليها } أي ولا تكسب كل نفس شيئاً يكون عاقبته على أحد إلا عليها .

{ ولا تزر وازرة وزر أخرى } أي لا تذنب نفس مذنبة ذنب نفس أخرى والمعنى لا تؤاخذ بغيروزرها فهو تأكيد للجملة قبله وهو جواب لقولهم اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم .

{ ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون } أي مرجعكم إليه يوم القيامة والتنبئة عبارة عن الجزاء والذي اختلفوا فيه هو من الأديان والمذاهب يجازيكم بما ترتب عليها من الثواب والعقاب وسياق هذه الجمل سياق الخبر والمعنى على الوعيد والتهديد ، وقيل : بما كنتم فيه تختلفون في أمري من قول بعضكم هو شاعر ساحر وقول بعضكم افتراه وبعضكم اكتتبه ونحو هذا .