البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَيُشۡرِكُونَ مَا لَا يَخۡلُقُ شَيۡـٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ} (191)

{ أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون } .

أي أتشركون الأصنام وهي لا تقدر على خلق شيء كما يخلق الله وهم يُخلقون أي يخلقهم الله تعالى ويوجدهم كما يوجدكم أو يكون معناه وهم ينحتون ويصنعون فعبدتهم يخلقونهم وهم لا يقدرون على خلق شيء فهم أعجز من عبدتهم { وهم } عائد على معنى ما وقد عاد الضمير على لفظ ما في يخلق وعبّر عن الأصنام بقوله { وهم } كأنها تعقل على اعتقاد الكفار فيها وبحسب أسمائهم .

وقيل أتى بضمير من يعقل لأنّ جملة من عبد الشياطين والملائكة وبعض بني آدم فغلب من يعقل كل مخلوق لله تعالى ويحتمل أن يكون { وهم } عائداً على ما عاد عليه ضمير الفاعل في { أيشركون } أي وهؤلاء المشركون يخلقون أي كان يجب أن يعتبروا بأنهم مخلوقون فيجعلوا إلههم خالقهم لا من لا يخلق شيئاً .

وقرأ السلمي أتشركون بالتاء من فوق فيظهر أن يكون { وهم } عائداً على ما على معناها ومن جعل ذلك في آدم وحواء قال : إنّ إبليس جاء إلى آدم وقد مات له ولد اسمه عبد الله فقال إن شئت أن يعيش لك الولد فسمّه عبد شمس فسماه كذلك فإياه عنى بقوله { أتشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون } عائد على آدم وحوّاء والابن المسمى عبد شمس .