البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَقَطَعۡنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ وَمَا كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (72)

{ فأنجيناه والذين معه برحمة منا } يعني من آمن معه { برحمة } سابقة لهم من الله وفضل عليهم حيث جعلهم آمنوا فكان ذلك سبباً لنجاتهم مما أصاب قومهم من العذاب .

{ وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا } كناية عن استئصالهم بالهلاك بالعذاب وتقدّم الكلام في { دابر } في قوله { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } وفي قوله { الذين كذبوا } تنبيه على علة قطع دابرهم وفي قوله { بآياتنا } دليل على أنه كانت لهود معجزات ولكن لم تذكر لنا بتعيينها .

{ وما كانوا مؤمنين } جملة مؤكدة لقوله { كذبوا بآياتنا } ويحتمل أن يكون إخباراً من الله تعالى أنهم ممن علم الله تعالى أنهم لو بقوا لم يؤمنوا أي ما كانوا ممن يقبل إيماناً البتة ولو علم الله تعالى أنهم يؤمنون لأبقاهم وذلك أنّ المكذّب بالآيات قد يؤمن بها بعد ذلك ويحسن حاله فأما من حتم الله عليه بالكفر فلا يؤمن أبداً وفي ذلك تعريض بمن آمن منهم كمرثد بن سعد ومن نجا مع هود عليه السلام كأنه قال { وقطعنا دابر القوم الذين كذّبوا } منهم ولم يكونوا مثل من آمن منهم ليؤذن أنّ الهلاك خصّ المكذبين ونجّى الله المؤمنين قاله الزمخشري : وذكر المفسرون هنا قصة هلاك عاد وذكروا فيها أشياء لا تعلق لها بلفظ القرآن ولا صحّت عن الرسول فضربت عن ذكرها صفحاً وأما ما له تعلق بلفظ القرآن فيأتي في مواضعه إن شاء الله تعالى .