مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَقَطَعۡنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ وَمَا كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (72)

ثم إنه تعالى أخبر عن عاقبة هذه الواقعة فقال : { فأنجيناه والذين معه برحمة منا } إذ كانوا مستحقين للرحمة بسبب إيمانهم ، وقطعنا دابر الذين كذبوا بالآيات التي جعلناها معجزة لهود ، والمراد أنه تعالى أنزل عليهم عذاب الاستئصال الذي هو الريح ، وقد بين الله كيفيته في غير هذا الموضع ، وقطع الدابر : هو الاستئصال ، فدل بهذا اللفظ أنه تعالى ما أبقى منهم أحدا ، ودابر الشيء آخره .

فإن قيل : لما أخبر عنهم بأنهم كانوا مكذبين بآيات الله لزم القطع بأنهم ما كانوا مؤمنين ، فما الفائدة في قوله بعد ذلك : { وما كانوا مؤمنين } .

قلنا : معناه أنهم مكذبون ، وعلم الله منهم أنهم لو بقوا لم يؤمنوا أيضا ، ولو علم تعالى أنهم سيؤمنون لأبقاهم .