التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَقَطَعۡنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ وَمَا كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (72)

ولم يطل انتظار هود عليهم ، فقد حل بهم العقاب الذي توعدهم به سريعا ولذا قال - تعالى - : { فَأَنجَيْنَاهُ والذين مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } الفاء فصيحة . أى : فوقع ما وقع فأنجينا هودا والذين اتبعوه في عقيدته برحمة عظيمة منا لا يقدر عليها غيرنا .

{ وَقَطَعْنَا دَابِرَ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } أى : استأصلناهم عن آخرهم بالريح العقيم التي { مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم } فقطع الدابر كناية عن الاستئصال والاهلاك للجميع يقال قطع الله دابره أى : أذهب أصله .

وقوله : { وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } مع إثبات التكذيب بآيات الله ؟ قلت : هو تعريض بمن آمن منهم - كمرثد بن سعد - ومن نجا مع هود - عليه السلام - كأنه قال : وقطعنا دابر الذين كذبوا منهم ، ولم يكونوا مثل من آمن منهم ليؤذن أن الهلاك للمكذبين ونجى الله المؤمنين " .

وهكذا طويت صفحة أخرى من صحائف المكذبين ، وتحقق النذير في قوم هود كما تحقق قبل ذلك في قوم نوح .