فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَأَنجَيۡنَٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَقَطَعۡنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَاۖ وَمَا كَانُواْ مُؤۡمِنِينَ} (72)

{ فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين 72 وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم 73 } .

{ فأنجيناه والذين معه برحمة منا } أخبر الله سبحانه أنه نجى هودا ومن معه من المؤمنين به من العذاب النازل بمن كفر به ولم يقبل رسالته فالمعية مجاز عن المتابعة .

أخرج ابن عساكر : لما أرسل الله الريح على عاد اعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليهم الجلود وتلتذ به الأنفس وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض وتدمغه بالحجارة .

{ وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا } الدابر الأصل أو الكائن خلف الشيء وهو الآخر ، وإذا قطع الآخر فقد قطع ما قبله فحصل الاستئصال أي الاستيعاب بالقطع ، وقد تقدم تحقيق معناه ، والمعنى استأصلنا هؤلاء القوم الجامعين بين التكذيب بآياتنا وعدم الإيمان ، وأراد بالآيات المعجزات الدالة على صدقه .

وعن أبي هريرة قال كان عمر هود أربعمائة سنة واثنتين وسبعين سنة ، وعن علي بن أبي طالب قال : قبر هود بحضر موت في كثيب أحمر عند رأسه سدرة ، وعن عثمان بن أبي العاتكة ، قال : قبلة مسجد دمشق قبر هود ، وقال عبد الرحمن ابن شبابة : بين الركن والمقام وزمزم قبر تسعة وتسعين نبيا ، وأن قبر هود وصالح وشعيب وإسماعيل في تلك البقعة . ويروى أن كل نبي من الأنبياء إذا هلك قومه جاء هو والصالحون من قومه معه إلى مكة يعبدون الله حتى يموتوا بها ، والله أعلم بصحة ذلك .

{ وما كانوا مؤمنين } مصدقين بالله ولا برسوله هود عليه السلام ، وقد أطال القوم في بيان قصة قومه وهلاكهم ، وإجمال القرآن يغني عن تفصيل لا يسند .