البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخۡشَىٰهَا} (45)

{ إنما أنت منذر من يخشاها } : أي لم تبعث لتعلمهم بوقت الساعة الذي لا فائدة لهم في علمه ، وإنما بعثت لتنذر من أهوالها من يكون إنذارك لطفاً به في الخشية منها . انتهى .

وهذا القول حكاه الزمخشري وزمكه بكثرة ألفاظه ، وهو تفكيك للكلام وخروج عن الظاهر المتبادر إلى الفهم ، ولم يخله من دسيسة الاعتزال .

وقرأ الجمهور : { منذر من } بالإضافة .

وقرأ عمر بن عبد العزيز وأبو جعفر وشيبة وخالد الحذاء وابن هرمز وعيسى وطلحة وابن محيصن وأبو عمر في رواية وابن مقسم : منذر بالتنوين .

وقال الزمخشري : وقرىء منذر بالتنوين ، وهو الأصل والإضافة تخفيف ، كلاهما يصلح للحال والاستقبال ؛ فإذا أريد الماضي ، فليس إلا الإضافة ، كقولك : هو منذر زيد أمس . انتهى .

أما قوله : وهو الأصل ، يعني التنوين ، فهو قول قد قاله غيره ممن تقدم .

وقد قررنا في هذا الكتاب ، وفيما كتبناه في هذا العلم أن الأصل الإضافة ، لأن العمل إنما هو بالشبه ، والإضافة هي أصل في الأسماء .

وأما قوله : فإذا أريد الماضي ، فليس إلا الإضافة ، فهذا فيه تفصيل وخلاف مذكور في علم النحو .

وخص { من يخشاها } لأنه هو المنتفع بالإنذار .