البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَلۡقَتۡ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتۡ} (4)

{ وألقت ما فيها وتخلت } ، قال ابن جبير والجمهور : ألقت ما في بطنها من الأموات ، وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء .

وقيل : تخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها .

وقال الزجاج : ومن الكنوز ، وضعف هذا بأن ذلك يكون وقت خروج الدجال ، وإنما تلقى يوم القيامة الموتى .

{ وتخلت } : أي عن ما كان فيها ، لم تتمسك منهم بشيء .

وجاء تخلت : أي تكلفت أقصى جهدها في الخلو .

كما تقول : تكرم الكريم : بلغ جهده في الكرم وتكلف فوق ما في طبعه ، ونسبة ذلك إلى الأرض نسبة مجازيه ، والله تعالى هو الذي أخرج تلك الأشياء من باطنها .

وجواب إذا محذوف ، فإما أن يقدره الذي خرج به في سورة التكوير أو الانفطار ، أو ما يدل عليه : { إنك كادح } ، أي لاقى كل إنسان كدحه .

وقال الأخفش والمبرد : هو ملاقيه ، إذا انشقت السماء فأنت ملاقيه .

وقيل : { يا أيها الإنسان } ، على حذف الفاء تقديره : في أيها الإنسان .

وقيل : { وأذنت } على زيادة الواو ؛ وعن الأخفش : { إذا السماء } مبتدأ ، خبره { وإذا الأرض } على زيادة الواو ، والعامل فيها على قول الأكثرين : الجواب إما المحذوف الذي قدروه ، وإما الظاهر الذي قيل إنه جواب .

قال ابن عطية : وقال بعض النحويين : العامل انشقت ، وأبى ذلك كثير من أئمتهم ، لأن إذا مضافة إلى انشقت ، ومن يجيز ذلك تضعف عنده الإضافة ويقوى معنى الجزاء ، انتهى .

وهذا القول نحن نختاره ، وقد استدللنا على صحته فيما كتبناه ، والتقدير : وقت انشقاق السماء وقت مد الأرض .

وقيل : لا جواب لها إذ هي قد نصبت باذكر نصب المفعول به ، فليست شرطاً .