البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (2)

{ وأذنت } : أي استمعت وسمعت أمره ونهيه ، وفي الحديث : « ما أذن الله بشيء إذنه لنبي يتغنى بالقرآن » وقال الشاعر :

صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به *** وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا

وقال قعنب :

إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحاً *** وما هم أذنوا من صالح دفنوا

وقال الحجاف بن حكيم :

أذنت لكم لما سمعت هريركم . . .

وأذنها : انقيادها الله تعالى حين أراد انشقاقها ، فعل المطيع إذا ورد عليه أمر المطاع أنصت وانقاد ، كقوله تعالى : { قالتا أتينا طائعين } { وحقت } ، قال ابن عباس ومجاهد وابن جبير : وحق لها أن تسمع .

وقال الضحاك : أطاعت وحق لها أن تطيع .

وقال قتادة : وحق لها أن تفعل ذلك ، وهذا الفعل مبني للمفعول ، والفاعل هو الله تعالى ، أي وحق الله تعالى عليها الاستماع .

ويقال : فلان محقوق بكذا وحقيق بكذا ، والمعنى : أنه لم يكن في جرم السماء ما يمنع من تأثير القدرة في انشقاقه وتفريق أجزائه وإعدامه .

قيل : ويحتمل أن يريد : وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى .

وقال الزمخشري : وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع ، ومعناه : الإيذان بأن القادر الذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك ، انتهى .

وفي قوله القادر الذات دسيسة الاعتزال ، وما أولع هذا الرجل بمذهب الاعتزال ، يدسه متى أمكنه في كل ما يتكلم به .