البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الانشقاق

هذه السورة مكية ، واتصالها بما قبلها ظاهر .

{ إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ } .

قال ابن عباس : انشقت تنشق : أي تتصدع بالغمام ، وقاله الفراء والزجاج . وقيل : تنشق لهول يوم القيامة ، كقوله :

{ وَانشَقَّتِ السَّمَاء فهي يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ }

وقرأ الجمهور : بسكون تاء انشقت وما بعدها وصلاً ووقفاً . وقرأ عبيد بن عقيل ، عن أبي عمرو : بإشمام الكسر وقفاً بعدما لم تختلف في الوصل إسكاناً . قال صاحب اللوامح : فهذا من التغييرات التي تلحق الروي في القوافي ، وفي هذا الإشمام بيان أن هذه التاء من علامة ترتيب الفعل للإناث ، وليست مما تنقلب في الأسماء ، فصار ذلك فارقاً بين الاسم والفعل فيمن وقف على ما في الأسماء بالتاء ، وذلك لغة طيء ؛ وقد حمل في المصاحف بعض التاءات على ذلك ، انتهى .

قال ابن خالويه : { إذا السماء انشقت } بكسر التاء ، عبيد عن أبي عمرو .

وقال ابن عطية ، وقرأ أبو عمرو : { انشقت } ، يقف على التاء كأنه يشمها شيئاً من الجر ، وكذلك في أخواتها .

قال أبو حاتم : سمعت أعرابياً فصيحاً في بلاد قيس يكسر هذه التاءات ، وهي لغة . انتهى .

وذلك أن الفواصل قد تجري مجرى القوافي .

فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي ، تكسر في الفواصل ؛ ومثال كسرها في القوافي قول كثير عزة :

وما أنا بالداعي لعزة بالردى *** ولا شامت أن نعل عزة زلت

وكذلك باقي القصيدة .

وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف ، كقوله تعالى : { الظنونا } و { الرسولا } في سورة الأحزاب .

وحمل الوصف على حالة الوقف أيضاً موجود في الفواصل .