أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (25)

شرح الكلمات :

{ قل الحمد لله } : أي إحمد الله على ظهور الحجة بأن تقول الحمد لله .

{ لا يعلمون } : أي من يستحق الحمد والشكر ومن لا يستحق لجهلهم .

المعنى

وقوله تعالى في الآية ( 25 ) { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } أي ولئن سألت يا رسولنا هؤلاء المشركين قائلا لهم : من خلق السموات والأرض لبادروك بالجواب قائلين الله إذاً قل الحمد لله على إقامة الحجة عليكم باعترافكم ، وما دام الله هو الخالق الرازق كيف يعبد غيره أو يعبد معه سواه أين عقول القوم ؟ وقوله { بل أكثرهم لا يعلمون } أي لا يعلمون موجب الحمد ولا مقتضاه ، ولا من يستحق الحمد ومن لا يستحقه لأنهم جهلة لا يعلمون شيئاً .

الهداية :

من الهداية :

- بيان أن المشركين من العرب موحدون في الربوبيّة مشركون في العبادة كما هي حال كثير من الناس اليوم يعتقدون أن الله ربّ كل شيء ولا ربَّ سواه ويذبحون وينذرون ويحلفون بغيره ، ويخافون غيره ويرهبون سواه . والعياذ بالله .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (25)

ولما كان من أعجب العجب مجادلتهم مع إقرارهم بما يلزمهم به قطعاً التسليم في أنه الواحد لا شريك له وأن له{[54124]} جميع صفات الكمال فله{[54125]} الحمد كله{[54126]} ، قال : { ولئن } أي يجادلون أو{[54127]} يقولون : بل نتبع آباءنا والحال أنهم إن { سألتهم من خلق السماوات } بأسرها { والأرض } وجميع{[54128]} ما فيها { ليقولن } {[54129]}ولما كان الأنسب للحكمة التي هي مطلع السورة الاقتصار على محل الحاجة ، لم يزد هنا على المسند{[54130]} إليه بخلاف الزخرف{[54131]} التي مبناها الإبانة ، فقال لافتاً القول عن{[54132]} العظمة إلى أعظم منها فقال : { الله } أي{[54133]} " {[54134]}المسمى بهذا الاسم الذي جمع مسماه بين الجلال والإكرام{[54135]} " فقد أقروا بأن كل ما أشركوا به بعض خلقه ومصنوع من مصنوعاته .

ولما كانوا يعتقدون أن شركاءهم تفعل لهم بعض الأفعال ، فلذلك كانوا يرجونهم ويخافونهم ، كما أن ذلك واضح في قصة عم أنس الصم وغيرها ، أمره صلى الله عليه وسلم بأن يعلمهم أنه لا خلق لغيره ولا أمر ، بل هو مبدع كل شيء في السماوات والأرض كما أبدعهما{[54136]} ، وأن من جملة ذلك مما يستحق به الحمد سبحانه قهرهم على تصديقه صلى الله عليه السلام بمثل{[54137]} هذا الإقرار وهم في غاية التكذيب ، فقال مستأنفاً{[54138]} : { قل الحمد } أي الإحاطة بجميع أوصاف الكمال { لله } أي الذي له الإحاطة الشاملة الكاملة من غير تقييد بخلق الخافقين ولا غيره " الأمر أعظم من مقالة قائل{[54139]} " كما أحاط بما تعلمونه من خلق السماوات والأرض ، فهو فاعل الأفعال كلها ، كما أنه خالق الذوات كلها ، ولا شريك له في شيء من الأمر ، كما أنه لا شريك له في شيء من الخلق .

ولما كانوا يظنون أن أصنامهم تصنع شيئاً كما قالت امرأة ذي النور الدوسي رضي الله عنه : هل{[54140]} يخشى على الصبية من ذي الشرى ، وكما قال قوم ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه لما سب آلهتهم : اتق{[54141]} الجذام اتق{[54142]} البرص ، وكما قال سادن العزى ، وكما قالت ثقيف في طاغيتهم ، حتى أنهم قالوا عندما سويت بالأرض ، والله ليغضبن{[54143]} الأساس ، حتى حمل ذلك المغيرة بن شعبة رضي الله عنه على أن حفر الأساس ، وكانوا إذا مستهم الضراء لا سيما في البحر تبرؤوا منها ، وأسندوا الأمر إلى من هو له كما {[54144]}هو مضمون التوحيد{[54145]} ، فكان ربما قال قائل استناداً{[54146]} إلى ذلك : إنهم ليعلمون ما أثبت بالتحميد ، قال : { بل أكثرهم لا يعلمون * } أي إن الله هو المتفرد بكل شيء كما أنه تفرد بخلق السماوات والأرض ، وأنه لا يكون شيء ، إلا بإذنه لأنهم لا يعملون بما يعلمون من ذلك ، وعلم لا يعمل به عدم ، بل العدم{[54147]} خير منه ، وكان {[54148]}القليل هم{[54149]} المقتصدون عند النجاة من الشدة{[54150]} كما سيأتي آنفاً ، أو{[54151]} يكون المعنى أنه لا علم لهم أصلاً إذ لو كان لهم علم لنفعهم في علمهم بالله ، أو في أنهم لا يقرون بتفرده سبحانه بالخلق والرزق ، فيكون ذلك موجباً لتناقضهم وملزماً{[54152]} لهم بالإقرار بصدقك في الحكم بوحدانيته على الإطلاق .


[54124]:تأخر في الأصل عن "الكمال" والترتيب من ظ وم ومد.
[54125]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: "و".
[54126]:زيد في الأصل: له، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54127]:في ظ "و".
[54128]:من م ومد، وفي الأصل وظ: جمع.
[54129]:العبارة من هنا إلى "أعظم منها فقال" سقطت من م.
[54130]:من ظ ومد، وفي الأصل: المستند.
[54131]:من ظ ومد، وفي الأصل: الزجر، وراجع من الزخرف آية 9.
[54132]:من ظ ومد، وفي الأصل: إلى.
[54133]:زيد من ظ ومد.
[54134]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54135]:سقط ما بين الرقمين من م.
[54136]:في ظ ومد: ابتدعهما.
[54137]:زيد من ظ وم ومد.
[54138]:سقط من م.
[54139]:العبارة من "أي الذي" في م ومن "من غير" في ظ ساقطة إلى هنا.
[54140]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بل.
[54141]:من مد، وفي الأصل وظ وم: اتقى.
[54142]:من مد، وفي الأصل وظ وم: اتقى.
[54143]:من م ومد، وفي الأصل وظ: ليقضن.
[54144]:العبارة من هنا إلى "بالتحميد" ساقطة من ظ ومد.
[54145]:في م: التحميد.
[54146]:من م، وفي الأصل: إسنادا.
[54147]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: العلم.
[54148]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: القيل هو ـ كذا.
[54149]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: القيل هو ـ كذا.
[54150]:زيدت الواو في ظ.
[54151]:في ظ ومد "و".
[54152]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ملزوما.