{ ومن يسلم وجهه إلى الله } : أي أقبل على طاعته مخلصاً له العبادة لا يلتفت إلى غيره من سائر خلقه .
{ وهو محسن } : أي والحال انه محسن في طاعته إخلاصا واتباعاً .
{ فقد استمسك بالعروة الوثقى } : أي تعلّق بأوثق ما يتعلق به فلا يخاف انقطاعه بحال .
{ وإلى الله عاقبة الأمور } : أي مرجع كل الأمور إلى الله سبحانه وتعالى .
بعد إقامة الحجة على المشركين في عبادتهم غير الله وتقليدهم لآبائهم في الشرك والشر والفساد قال تعالى مرغباً في النجاة داعياً إلى الإِصلاح : { ومن يُسلم وجهه إلى الله } أي يقبل بوجهه وقلبه على ربه يعبده مُتذللاً له خاضعاً لأمره ونهيه . { وهو محسن } أي والحال أنه محسن في عبادته إخلاصا فيها لله ، واتباعا في أدائها لرسول الله { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي قد أخذ بالطرف الأوثق فلا يخاف انقطاعاً أبدا وقوله تعالى : { وإلى الله عاقبة الأمور } يخبر تعالى أن مَردَّ الأمور كلها لله تعالى يقضي فيها بما يشاء فليفوِّض العبد أموره كلها لله إذ هي عائدة إليه فيتخذ بذلك له يداً عند ربه ، وقوله لرسوله : { ومن كفر فلا يحزنك كفره } .
- بيان نجاة أهل لا إله إلا الله وهم الذين عبدوا الله وحده بما شرع لهم على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
ولما كان التقدير : فمن جادل في الله {[54078]}فلا متمسك{[54079]} له ، عطف عليه قوله في شرح حال أضدادهم : { ومن يسلم } أي في الحال أو الاستقبال { وجهه } أي قصده وتوجهه وذاته كلها . ولما كان مقصود السورة إثبات الحكمة ، عدى الفعل ب " إلى " تنبيهاً على إتقان الطريق بالوسائط من النبي أو الشيخ وحسن الاسترشاد في ذلك ، فقال معلقاً بما تقديره : سائراً وواصلاً { إلى الله } الذي له صفات الكمال ، فلم يبق لنفسه أمر أصلاً ، فهو لا يتحرك إلا بأمر من أوامره سبحانه { وهو } أي والحال أنه { محسن } أي مخلص بباطنه كما أخلص بظاهره ، فهو دائماً في حال الشهود { فقد استمسك } أي أوجد الإمساك بغاية ما يقدر عليه من القوة في بادئة الأمور لترقية نفسه من حضيضها إلى أوج الروح على أيدي المسلكين الذين اختارهم لدينه ، العارفين بأخطار السير وعوائق الطريق { بالعروة الوثقى } التي هي أوثق ما يتمسك به فلا سقوط له أصلاً ، {[54080]}فليسررك شكره{[54081]} فإن ربه{[54082]} يعليه إلى كل مراد ما دام متمسكاً بها تمثيلاً لحال هذا السائر بحال من سقط في بئر ، أو أراد أن يرقى جبلاً ، فادلى له صاحبه حبلاً ذا عرى فأخذ بأوثقها ، فهو يعلو به إذا جره صديقه . وهو قادر على جره{[54083]} لا محالة من غير انفصام ، لأن متمسكه في غاية الإحكام .
ولما كان الكل صائرين إليه ، رافدين عليه : من استمسك بالأوثق ، ومن استمسك بالأوهى ، ومن لم يتمسك بشيء ، إلا أن الأول صائر مع السلامة ، وغيره مع العطب ، قال مظهراً تعظيماً للأمر ولئلا يقيد بحيثية{[54084]} عاطفاً على ما تقديره : فيصير إلى الله سالماً ، فإلى الله عاقبته لا محالة : { وإلى الله } أي الملك الأعظم وحده{[54085]} تصير { عاقبة الأمور * } أي كما أنه كانت منه بادئتها ، وإنما خص العاقبة لأنهم مقرون بالبادئة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.