أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرّٞ دَعَوۡاْ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنۡهُ رَحۡمَةً إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (33)

شرح الكلمات :

{ وإذا مس الناس ضر } : أي إذا مس المشركين ضرٌ أي شدة من مرض أو فقر أو قحط .

{ منيبين إِليه } : أي راجعين بالضراعة والدعاء إليه تعالى دون غيره .

{ رحمة } : بِكَشْفِ ضُر أو إنزال غيث وإصابة رخاء وسعة رزق .

{ يشركون } : أي بربهم فيعبدون معه غيره بالذبح للآلهة والنذر وغيره .

المعنى :

لما أمر تعالى رسوله والمؤمنين بإِقامة الدين ونهاهم أن يكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا أخبر تعالى عن المشركين أنهم إذا مسهم الضرّ وهو المرض والشدة كالقحط والغلاء ونحوها دعوا ربهم تعالى منيبين إليه أي راجعين إليه بالدعاء والضراعة لا يدعون غيره . وهو قوله تعالى { وإذا مس الناس ضرٌ دعوا ربهم منيبين إليه } وقوله : { ثُم إذا أذاقهم منه رحمة } أصابهم برحمة من عنده وهي الصحة والرخاء والخصب ونحوه { إذا فريق منهم } أي كثيرٌ { بربهم يشركون } فيعبدون الأصنام والأوثان بأنواع العبادات .

الهداية :

من الهداية :

- بيان جهل المشركين وضلال عقولهم بما ذكر تعالى من صفاتهم وأحوالهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرّٞ دَعَوۡاْ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنۡهُ رَحۡمَةً إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (33)

قوله تعالى : " وإذا مس الناس ضر " أي قحط وشدة " دعوا ربهم " أن يرفع ذلك عنهم " منيبين إليه " قال ابن عباس : مقبلين عليه بكل قلوبهم لا يشركون . ومعنى هذا الكلام التعجب ، عجب نبيه من المشركين في ترك الإنابة إلى الله تعالى مع تتابع الحجج عليهم ، أي إذا مس هؤلاء الكفار ضر من مرض وشدة دعوا ربهم ، أي استغاثوا به في كشف ما نزل بهم ، مقبلين عليه وحده دون الأصنام ، لعلمهم بأنه لا فرج عندها . " ثم إذا أذاقهم منه رحمة " أي عافية ونعمة . " إذا فريق منهم بربهم يشركون " أي يشركون به في العبادة .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرّٞ دَعَوۡاْ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنۡهُ رَحۡمَةً إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (33)

ولما حصل من هذا القطع من كل عاقل أن{[53087]} أكثر الخلق ضال ، فكان الحال جديراً بالسؤال ، عن وجه الخلاص من هذا الضلال ، أشير إليه{[53088]} أنه لزوم الاجتماع ، وبين ذلك في جملة{[53089]} حالية من فاعل " فرحون " فقال تعالى : { وإذا } وكان الأصل : مسهم ، ولكنه قيل لأنه أنسب بمقصود السورة من قصر ذلك على الإنسان كما هي العادة في أكثر السور أو غير ذلك من أنواع العالم{[53090]} : { مس الناس } تقوية لإرادة{[53091]} العموم إشارة إلى كل من فيه أهلية النوس وهو التحرك ، من الحيوانات العجم والجمادات لو نطقت ثم اضطربت لتوجهت إليه سبحانه ولم تعدل عنه كما أنها الآن كذلك بألسنة أحوالها ، فهذا هو الإجماع الذي لا يتصور معه نزاع{[53092]} { ضر دعوا ربهم } أي{[53093]} الذي لم يشاركه{[53094]} في الإحسان إليهم أحد في جميع مدة مسهم بذلك الضر - بما أشار إليه الظرف{[53095]} حال كونهم { منيبين } أي راجعين من جميع ضلالاتهم التي فرقتهم عنه { إليه } علماً منهم بأنه لا فرج لهم عند شيء غيره ، هذا ديدن الكل لا يخرم عنه أحد منهم في وقت من الأوقات ، ولا في {[53096]}أزمة من الأزمات{[53097]} ، قال الرازي في اللوامع في أواخر العنكبوت : وهذا دليل على أن معرفة الرب في فطرة كل إنسان ، وأنهم إن غفلوا في السراء فلا شك أنهم يلوذون إليه في حال الضراء .

ولما كان كل واقع في شدة مستبعداً كل استبعاد الخلاص منها قال : { ثم } بأداة البعد { إذا أذاقهم } مسنداً الرحمة إليه تعظيماً للأدب وإن كان الكل منه{[53098]} . ولما كان السياق كله للتوحيد ، فكانت العناية باستحضار المعبود باسمه وضميره أتم قال : { منه } مقدماً ضميره دالاً بتقديم الجار على الاختصاص وأن ذلك لا يقدر عليه غيره ، وقال : { رحمة } أي خلاصاً من ذلك الضر{[53099]} ، إشارة إلى أنه لو أخذهم بذنوبهم أهلكهم ، فلا{[53100]} سبب لإنعامه سوى كرمه ، ودل على شدة إسراعهم في كفران الإحسان بقوله معبراً بأداة المفاجأة : { إذا فريق منهم } أي طائفة هي{[53101]} أهل لمفارقة{[53102]} الحق { بربهم } أي المحسن إليهم دائماً ، المجدد لهم هذا الإحسان من هذا الضر { يشركون* } بدل{[53103]} ما لزمهم من أنهم يشكرون{[53104]} فعلم أن الحق الذي لا معدل عنه الإنابة{[53105]} في كل حال إليه كما أجمعوا في وقت الشدائد عليه ، وأن غيره مما فرقهم ضلال ، لا يعدله قبالاً ولا ما {[53106]}يعدله{[53107]} قبال .


[53087]:من ظ، وفي الأصل وم: بأن.
[53088]:في ظ وم: إلى.
[53089]:من ظ وم، وفي الأصل: علة.
[53090]:زيد من ظ.
[53091]:من ظ وم، وفي الأصل: لأداة.
[53092]:زيد من ظ.
[53093]:سقط من ظ.
[53094]:في ظ: لم يشرعه، وفي م: لم يشركه.
[53095]:زيد من ظ.
[53096]:من ظ وم، وفي الأصل: زمن من الأزمان.
[53097]:من ظ وم، وفي الأصل: زمن من الأزمان.
[53098]:زيد من ظ.
[53099]:من ظ وم، وفي الأصل: الضراء.
[53100]:في ظ: ولا.
[53101]:زيد من ظ وم.
[53102]:من ظ وم، وفي الأصل: المفارقة.
[53103]:زيد في الأصل: على، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[53104]:من م، وفي الأصل وظ: يشركون.
[53105]:من ظ وم، وفي الأصل: الأبه.
[53106]:من ظ وم، وفي الأصل: يعدل له.
[53107]:من ظ وم، وفي الأصل: يعدل له.