قوله : { وَإِذَا مَسَّ الناس ضُرٌّ } قَحْطٌ وشدّة ، { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } بالدعاء ، لما بين التوحيد بالدليل وبالمثل بين أن لهم حالة يعترفون به{[42057]} ، وإن كانوا ينكرونه{[42058]} في وقت ما وهي حالة الشدة ، { ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً } ، خصْبٌ أو نعمة ، يعني إذا خلصناهم من تلك الشدة { إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } ، وقوله : «مِنْهُ » أي من الضر ؛ لأن الرحمة غير مطلقة لهم إنما هي على ذلك الضر وحده ، وأما الضر المؤخر فلا يذوقون منه رحمة ويحتمل أن يكون الضمير في «منه » عائد إلى الله تعالى ، والتقدير ثم إذا أذاقهم اللَّهُ من فضله رحمةً خلصهم بها من ذلك الضر .
قوله : «إذَا فَريقٌ » هذه «إذا » الفُجَائِيَّة ، وَقَعَتْ جَوَابَ الشرطِ ؛ لأنها كالفاء في أنها للتعقيب ولا يقع أول كلام ، وقد تجامعها الفاء زائدةً{[42059]} .
فإن قيل{[42060]} : ما الحكمة في قوله ههنا : { إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ } ، وقال في موضع : { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشرِكُونَ } ولم يقل : فَرِيقٌ .
فالجواب : أن المذكور هناك غير معين ، وهو ما يكون من هَوْل البحر ، والتخلص منه بالنسبة إلى الخلق قليل ، والذي لا يشرك منهم بعد الخلاص فرقة منهم فهم في غاية القلة ، فلم يجعل المشركين فريقاً لقلة من خرج من الشرك وأما المذكور ههنا الضر مطلقاً فيتناول ضُرَّ البحر والأمراض والأهوال ، والمتخلص من أنواع الضر خلقٌ كثير بل جميع الناس يكونون قد وقعوا في ضر ما فتخلصوا منه والذي لا يبقى بعد الخلاص مشركاً من جميع الأنواع إذا جمع فهو خلق عظيم وهو جميع المسلمين فإنهم تخلصوا من ضُرّ ولم يبقوا مشركين ، وأما المسلمون فلم يتخلصوا من ضُرّ البحر بأجمعهم فلما كان الناجي من الضر المؤمن جمعاً كثيراً سمى الباقي فريقاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.