روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرّٞ دَعَوۡاْ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنۡهُ رَحۡمَةً إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ} (33)

{ وَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ } أي شدة { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } راجعين إليه تعالى من دعاء غيره عز وجل من الأصنام وغيرها { ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مّنْهُ رَحْمَةً } خلاصاً من تلك الشدة { إِذَا فَرِيقٌ بِرَبّهِمْ } الذي كانوا دعوه منيبين إليه { يُشْرِكُونَ } أي فاجأ فريق منهم الإشراك وذلك بنسبة خلاصهم إلى غيره تعالى من صنم أو كوكب أو نحو ذلك من المخلوقات ؛ وتخصيص هذا الفعل ببعضهم لما أن بعضهم ليسوا كذلك ، وتنكير { ضُرٌّ . وَرَحْمَةً } للتعليل إشارة إلى أنهم لعدم صبرهم يجزعون لأدنى مصيبة ويطغون لأدنى نعمة ، و «ثم » للتراخي الرتبى أو الزماني .

ومن باب الإشارة : { وَإِذَا مَسَّ الناس } [ الروم : 33 ] الآية فيها إشارة إلى أن طبيعة الإنسان ممزوجة من هداية الروح وإطاعتها ومن ضلال النفس وعصيانها ، فالناس إذا أظلتهم المحنة ونالتهم الفتنة ومستهم البلية وانكسرت نفوسهم وسكنت دواعيها وتخلصت أرواحهم عن أسر ظلمة شهواتها رجعت أرواحهم إلى الحضرة ووافقتها النفوس على خلاف طباعها فدعوا ربهم منيبين إليه فإذا جاد سبحانه عليهم بكشف ما نالهم ونظر جل وعلا باللطف فيما أصابهم عاد منهم من تمرد إلى عادته المذمومة وطبيعته الدنية المشؤمة