أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (15)

شرح الكلمات :

{ أنتم الفقراء إلى الله } : أي المحتاجون إليه في كل حال .

{ والله هو الغني الحميد } : أي الغني عنكم أيها الناس وعن سائر خلقه ، المحمود بأفعاله وأقواله وحسن تدبيره فكل الخلائق تحمده لحاجتها إليه وغناه عنها .

المعنى :

بعد تلك الأدلة والحجج التي سبقت في الآيات السابقة وكلها مقررة ربوبية الله تعالى وألوهيته وموجبة توحيده وعبادته نادى تعالى الناس بقوله { يا أيها الناس } ليعلمهم بأنه وان خلقهم لعبادته وأمرهم بها وتوعد بأليم العذاب لمن تركها ولم يكن ذلك لفقر منه إليها ولا لحاجة به عليهم فقال { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ، والله هو الغني الحميد } إن عبادة الناس لربهم تعود عليهم فيكملون عليها في أخلاقهم وأرواحهم ويسعدون عليها في دنياهم وآخرتهم أما الله جل جلاله فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية . وهو الغني عن كل ما سواه { الحميد } أي المحمود بنعمه فكل نعمة بالعباد موجبة له الحمد والشكر .

الهداية :

من الهداية :

- بيان فقر العباد إلى ربهم وحاجتهم إليه وإِزالة فقرهم وسد حاجتهم يكون باللجوء إليه والاطراح بين يديه يعبدونه ويسألونه .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (15)

قوله تعالى : " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله " أي المحتاجون إليه في بقائكم وكل أحوالكم . الزمخشري : " فإن قلت لم عرف الفقراء ؟ قلت : قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء ، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم لأن الفقر مما يتبع الضعف ، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر كلهم وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله : " وخلق الإنسان ضعيفا " {[13131]} [ النساء : 28 ] ، وقال : " الله الذي خلقكم من ضعف " {[13132]} [ الروم : 54 ] ولو نكر لكان المعنى : أنتم بعض الفقراء . فإن قلت : قد قوبل " الفقراء " ب " الغني " فما فائدة " الحميد " ؟ قلت : لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم ، وليس كل غني نافعا بغناه إلا إذا كان الغني جوادا منعما ، وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم واستحق عليهم الحج ذكر " الحميد " ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه ، الجواد المنعم عليهم ، المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه " . وتخفيف الهمزة الثانية أجود الوجوه عند الخليل ، ويجوز تخفيف الأولى وحدها وتخفيفهما وتحقيقهما جميعا . " والله هو الغني الحميد " تكون " هو " زائدة ، فيكون لها موضع من الإعراب ، وتكون مبتدأة فيكون موضعها رفعا .


[13131]:راجع ج 5 ص 168.
[13132]:راجع ج 46 من هذا الجزء.