الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (15)

فإن قلت : لم عرف الفقراء ؟ قلت : قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء ، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم ، لأن الفقر مما يتبع الضعف ، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر ، وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله : { وَخُلِقَ الإنسان ضَعِيفاً } [ النساء : 28 ] وقال سبحانه وتعالى : { الله الذى خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ } [ الروم : 54 ] ولو نكر لكان المعنى أنتم بعض الفقراء .

فإن قلت : قد قوبل الفقراء بالغنى ، فما فائدة الحميد ؟ قلت : لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم - وليس كل غني نافعاً بغناه إلاّ إذا كان الغني جواداً منعماً فإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم واستحق - بإنعامه عليهم أن يحمدوه الحميد على ألسنه مؤمنيهم .