اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (15)

قوله : { ياأيها الناس أَنتُمُ الفقرآء إِلَى الله } ( أي ) إلى فضل الله . والفقير هو المحتاج «وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ » عن خلقه «الحَمِيدُ » أي المحمود في إحسانه إليهم . واعلم أنه لما كثر الدعاء من النبي - عليه السلام- والإصرار من الكفار قالوا إن اللَّهَ لعله محتاج إلى عبادتنا حتى يأمرنا بها أمراً بالغاً ويهددنا على تركها مبالغاً فقال الله . { أَنتُمُ الفقرآء إِلَى الله والله هُوَ الغني } فلا يأمركم بالعبادة لاحتياجه إليكم وإنما هو لإشفاقه عليكم{[45187]} .

فصل

التعريف في الخبر قليل والأكثر أن يكون الخبر نكرة والمبتدأ معرفة لأن المخبر لا يخبر في الأكثر إلا بأمر يعلمه المخبر أو في ظن المتكلم أن السامع لا علم له به ثم إنَّ المبتدأ لا بدّ وأن يكون معلوماً عند السامع حتى يقول له : أيها السامع الأمر الذي تعرفه ثَبَتَ له قيامٌ لا علم عندك به فإن الخبرَ معلوم عند السامع والمبتدأ كذلك ويقع الخبر تنبيهاً لا تفهيماً فإنه يحسن تعريف الخبر كقول القائل : «اللَّهُ رَبُّنَا ومُحَمَّدٌ نَبِيُّنَا » حيث عرف كون الله ربنا وكون محمد نبينا وههنا لما كان الناس فقراء أمراً ظاهراً لا يخفى على أحد قال : «أَنْتُم الفُقراء »{[45188]} وقوله : «إلى الله » إعلام بأنه لا افتقارَإلا إليه ولا اتِّكال إلا عليه . وهذا يوجب عبادته لكونه مُفْتَقَراً إليه وعدم عبادة غيره لعدم الافتقار إلى غيره ثم قال : { والله هُوَ الغني } أي هو مع استغنائه يدعوكم كل الدعاء وأنتم مع احتياجكم لا تجيبونه{[45189]} .


[45187]:كله تلخيص من تفسير الإمام الفخر التفسير الكبير 26/12 و 13.
[45188]:نقله الإمام الرازي في تفسيره في إحدى مسائله التي تكلم فيها مع تغيير طفيف في عبارته. وقد نقل الشيخ يس في حاشيته على التصريح تقريرا يؤكد قول الرازي حيث قال: ((المبتدأ حقه أن يكون معلوما لأن الحكم على المجهول بعيد عن التحصيل والخبر أن يكون مجهولا لأن الحكم بالمعلوم سعي في تحصيل الحاصل)) انظر حاشية الشيخ يس على شرح التصريح للشيخ خالد الأزهري 1/168 وانظر: تفسير الرازي 26/13.
[45189]:ولا تدعونه فيجيبكم . وانظر: المرجع السابق .