تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنيّ الحميد } فيه وجوه من الدلالة :

أحدها : أنه إنما أمركم ، ونهاكم ، وامتحنكم بأنواع المحن لحاجتكم وفقركم إليه لا لحاجة وفقر له في ذلك . فإن ائتمرتموه ، وأطعتموه ، فإلى أنفسكم ترجع منفعة ذلك ، وإن عصيتم فعلى أنفسكم يلحق ضرر ذلك كقوله : { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها } [ الإسراء : 7 ] .

والثاني : يقول : تعلمون أن فقركم وحاجتكم إلى الله لا إلى الأصنام التي تعبدونها ، واتخذتموها آلهة ، فكيف صرفتم العبادة والشكر إلى من تعلمون أنكم [ لا ]{[17233]} تحتاجون إليه ، ولا تفتقرون ؟

والثالث : يأمرهم بقطع أطماعهم من الخلق لأنه خاطب الكل ، وأخبرهم{[17234]} أنكم جميعا فقراء إلى الله الطامع والمطموع فيه ، فاقطعوا طمعكم ورجاءكم عن الخلق ، واطمعوا ذلك من الله فإنه { هو الغنيّ الحميد } والخلق جميعا فقراء إليه ، يؤيسهم من الطمع والرجاء من الخلق ، والله أعلم .


[17233]:من م، ساقطة من الأصل.
[17234]:في الأصل وم: وأخبر.