أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

شرح الكلمات :

{ ولمن صبر وغفر } : أي ولمن صبر فلم ينتصر لنفسه وغفر وتجاوز عمن أساء إليه .

{ إن ذلك } : أي إن ذلك الصبر والتجاوز عن المسيء .

{ لمن عزم الأمور } : أي لمن معزومات الأمور المطلوبة شرعا .

المعنى :

وقوله تعالى : { ولمن صبر وغفر إنَّ ذلك لمن عزم الأمور } يخبر تعالى مؤكداً الخير بلام الابتداء أن من صبر فلم ينتصر لنفسه من أخيه المسلم وغفر لأخيه زلته فتجاوز له عنها فإن ذلك المذكور من الصبر والتجاوز من معزومات الأمور المطلوبة شرعاً .

الهداية :

من الهداية :

- فضيلة الصبر والتجاوز عن المسلم إذا أساء بقول أو عمل .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (43)

الحادية عشرة- قوله تعالى : " ولمن صبر وغفر " أي صبر على الأذى و " غفر " أي ترك الانتصار لوجه الله تعالى ، وهذا فيمن ظلمه مسلم . ويُحكى أن رجلا سب رجلا في مجلس الحسن رحمه الله فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق ، ثم قام فتلا هذه الآية ، فقال الحسن : عقلها والله ! وفهمها إذ ضيعها الجاهلون . وبالجملة العفو مندوب إليه ، ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه كما تقدم ، وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه ، وهو أن زينب أسمعت عائشة رضي الله عنهما بحضرته فكان ينهاها فلا تنتهي ، فقال لعائشة : ( دونك فانتصري ) خرجه مسلم في صحيحه بمعناه . وقيل : " صبر " عن المعاصي وستر على المساوئ . " إن ذلك لمن عزم الأمور " أي من عزائم الله التي أمر بها . وقيل : من عزائم الصواب التي وفق لها . وذكر الكلبي والفراء أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع ثلاث آيات قبلها ، وقد شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم أمسك . وهي المدنيات من هذه السورة . وقيل : هذه الآيات في المشركين ، وكان هذا في ابتداء الإسلام قبل الأمر بالقتال ثم نسختها آية القتال ، وهو قول ابن زيد ، وقد تقدم . وفي تفسير ابن عباس " ولمن انتصر بعد ظلمه " يريد حمزة بن عبد المطلب ، وعبيدة وعليا وجميع المهاجرين رضوان الله عليهم . " فأولئك ما عليهم من سبيل " يريد حمزة بن عبد المطلب وعبيدة وعليا رضوان الله عليهم أجمعين . " إنما السبيل على الذين يظلمون الناس " يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأبا جهل والأسود ، وكل من قاتل من المشركين يوم بدر . " ويبغون في الأرض " يريد بالظلم والكفر . " أولئك لهم عذاب أليم " يريد وجيع . " ولمن صبر وغفر " يريد أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح ومصعب بن عمير وجميع أهل بدر رضوان الله عليهم أجمعين . " إن ذلك من عزم الأمور " حيث قبلوا الفداء وصبروا على الأذى .