التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا} (21)

{ واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا } يعني : اتبعوا أغنياءهم وكبراءهم وقرئ ولده بفتحتين وولد بضم الواو وسكون اللام وهما بمعنى واحد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا} (21)

ولما كانوا قد جادلوه عليه الصلاة والسلام بعد هذا البيان الذي لا يشك في دلالته على المراد من تحقق لصفاء الإيقان ، فأكثروا الجدال ونسبوه إلى الضلال وعصوه أقبح العصيان وقابلوه بأشنع{[68762]} الأقوال والأفعال{[68763]} ، طوى ذلك مشيراً إليه بقوله مستأنفاً : { قال نوح } أي بعد رفقه بهم ولينه لهم شاكياً منهم{[68764]} : { رب } أي أيها المحسن إليّ المدبر لي{[68765]} المتولي لجميع أموري .

ولما كان الضعفاء أكثر الناس بحيث إذا اجتمعوا دل{[68766]} الرؤوس الأقوياء بالأموال والأولاد وكانوا كأنهم الكل ، فقال مؤكداً لأن عصيانهم له بعد ذلك مما يبعد وقوعه : { إنهم } أي قومي الذين دعوتهم إليك مع صبري عليهم ألف سنة إلا خمسين عاماً { عصوني } أي فيما أمرتهم به ودعوتهم إليه فأبوا أن يجيبوا دعوتي وشردوا عني أشد شراد وخالفوني أقبح مخالفة { واتبعوا } أي بغاية جهدهم نظراً إلى المظنون العاجل بعد{[68767]} ترك المحقق عاجلاً وآجلاً { من } أي من{[68768]} رؤسائهم البطرين بأموالهم المغترين{[68769]} بولدانهم ، وفسرهم{[68770]} بقوله : { لم{[68771]} يزده } أي شيئاً من الأشياء .

ولما كان المال يكون للإنسان{[68772]} الولد ، وكان ينبغي أن يشكر الله الذي آتاه إياه ليكون له خيراً في الدارين وكذا الولد قال : { ماله } أي بكثرته { وولده } كذلك ، وهو الجنس في قراءة التحريك - وكذا في قراءة ابن كثير والبصريين وحمزة والكسائي بالضم والسكون على أنه لغة في المفرد كالحزن والحزن والرشد والرشد ، أو يكون على هذه جمعاً كالأسد والأسد ، ويكون اختيار أبي عمرو{[68773]} لهذه القراءة في هذا الحرف وحده للإشارة بجمع{[68774]} الكثرة المبني على الضمة التي هي أشد الحركات إلى أنهم - وإن زادت كثرتهم وعظمت قوتهم - لا يزيدونهم شيئاً { إلا خساراً * } بالبعد عن{[68775]} الله والعمى عن محجة الطريق ، فإن البسط لهم في الدنيا بذلك كان سبباً لطغيانهم وبطرهم واتباعهم لأهوائهم حتى كفروا واستغووا{[68776]} غيرهم فغلبوا عليهم فكانوا سبباً في شقائهم{[68777]} وخسارتهم بخسارتهم{[68778]} ، وكان عندهم أنها زادتهم رفعة ، وفي السياق دليل على أنهم ما حصلت لهم الوجاهة إلا بها .


[68762]:- من ظ وم، وفي الأصل: الأفعال والأقوال.
[68763]:- من ظ وم، وفي الأصل: الأفعال والأقوال.
[68764]:- زيد في الأصل: بقوله، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68765]:- زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ وم فحذفناها.
[68766]:- من ظ وم، وفي الأصل: أول.
[68767]:- زيد في الأصل: تحقيق، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68768]:- زيد من ظ.
[68769]:- زيد في الأصل: بأموالهم وأولادهم المغترين، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68770]:- من ظ وم، وفي الأصل: فسره.
[68771]:- وقع في الأصل: قبل "أي من رؤسائهم" والترتيب من ظ وم.
[68772]:- زيد من ظ وم.
[68773]:- من ظ وم، وفي الأصل: أبي عمر.
[68774]:- من م، وفي الأصل وظ: لجمع.
[68775]:- في ظ وم: من.
[68776]:- من ظ وم، وفي الأصل: استغفروا.
[68777]:- من ظ وم، وفي الأصل: في.
[68778]:- من ظ وم، وفي الأصل: بخسارهم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا} (21)

قوله تعالى : { قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا 21 ومكروا مكرا كبارا 22 وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا 23 وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا } .

ذلك مما بثه نوح إلى ربه من الشكاية والابتئاس بسبب إعراض قومه وإيذائهم له بالضرب والشتم واستنكافهم عن عقيدة التوحيد جانحين للأصنام واتباع السادة والكبراء المضلين وهو قوله : { قال نوح رب إنهم عصوني } وذلك فيما أمرتهم به من الإيمان بك وحدك ، وبمجانبة الشرك والضلال { واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا } أي أعرضوا عما دعوتهم إليه واتبعوا الرؤساء والكبراء من أصحاب الأموال والأولاد التي لا يزدادون بها في الآخرة إلا الخسران وسوء العذاب .