المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا} (21)

المعنى فلما لم يطيعوا ويئس نوح من إيمانهم قال نوح : { رب إنهم عصوني } واتبعوا أشرافهم وغواتهم ، فعبر عنهم بأن أموالهم وأولادهم زادتهم { خساراً } أي خسراناً ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ونافع في رواية خارجة عنه «ووُلْده » بضم الواو وسكون اللام ، وهي قراءة ابن الزبير والحسن والأعرج والنخعي ومجاهد ، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر «ووَلَده » بفتح اللام والواو وهما بمعنى واحد كبُخْل وبَخَل وهي قراءة أبي عبد الرحمن والحسن وأبي رجاء وابن وثاب وأبي جعفر وشيبة ، وقرأ «ووِلده » بكسر الواو والجحدري وزر والحسن وقتادة وابن أبي إسحاق وطلحة ، وقال أبو عمرو : «وُلْد » بضم الواو وسكون اللام العشيرة والقوم ، وقال أبو حاتم يمكن أن يكون الوُلد بضم الواو جمع الولد وذلك كخشب وخشب ، وقد قال حسان بن ثابت : [ الكامل ]

ما بكر آمنة المبارك بكرها . . . من ولد محصنة بسعد الأسعد{[11349]}


[11349]:هذا البيت من قصيدة قالها حسان في رثاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقول في مطلعها: ما بال عيني لا تنام كأنما كحلت مآقيها بكحل الأرمد وآمنة هي أم النبي عليه الصلاة والسلام، وهي بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، والقصيدة في الديوان وفي سيرة ابن هشام والرواية فيهما: "المبارك بكرها"، وكذلك ورد فيها: "ولدته محصنة" بدلا من "من ولد محصنة" وعلى هذا فلا شاهد فيه. والمحصنة: العفيفة ، وفي القرآن الكريم (والمحصنات من النساء)، والأسعد: جمع سعد، وهو اسم لطائفة معروفة من النجوم سمي كل واحد منها سعدا وأضيف أو وصف بما يميزه عن غيره، ويقال فيها "السعود" كذلك يقال: "سعد السعود"، والشاعر يصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نجم هذه النجوم.