البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا} (21)

ولما أصروا على العصيان وعاملوه بأقبح الأقوال والأفعال ، { قال نوح رب إنهم عصوني } : الضمير للجميع ، وكان قد قال لهم : { وأطيعون } ، وكان قد أقام فيهم ما نص الله تعالى عليه { ألف سنة إلا خمسين عاماً } وكانوا قد وسع عليهم في الرزق بحيث كانوا يزرعون في الشهر مرتين .

{ واتبعوا } : أي عامتهم وسفلتهم ، إذ لا يصح عوده على الجميع في عبادة الأصنام .

{ من لم يزده } : أي رؤساؤهم وكبراؤهم ، وهم الذين كان ما تأثلوه من المال وما تكثروا به من الولد سبباً في خسارتهم في الآخرة ، وكان سبب هلاكهم في الدنيا .

وقرأ ابن الزبير والحسن والنخعي والأعرج ومجاهد والأخوان وابن كثير وأبو عمرو ونافغ ، في رواية خارجة : وولده بضم الواو وسكون اللام ؛ والسلميّ والحسن أيضاً وأبو رجاء وابن وثاب وأبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وابن عامر : بفتحهما ، وهما لغتان ، كبخل وبخل ؛ والحسن أيضاً والجحدري وقتادة وزر وطلحة وابن أبي إسحاق وأبو عمرو ، في رواية : كسر الواو وسكون اللام .

وقال أبو حاتم : يمكن أن يكون الولد بالضم جمع الولد ، كخشب وخشب ، وقد قال حسان بن ثابت :

يا بكر آمنة المبارك بكرها *** من ولد محصنة بسعد الأسعد