اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا} (21)

قوله : { قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي واتبعوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً } .

ذكر أولاً أنهم عصوا ثم ذكر أنهم ضموا إلى عصيانه طاعة رؤسائهم الذين يدعونهم إلى الكفر ، إنما زادهم أموالهم ، وأولادهم خساراً ؛ لأنهم سبب لخسارة الآخرة ، والدنيا في جنب الآخرة كالعدم ، فإذا خسرت الآخرة بسببها كانت كاللُّقمةِ من الحلوى مسمومة ؛ ولذلك قال جماعة : ليس لله على الكافر نعمة ، وإنَّما هي استدراج للعذابِ .

قال المفسِّرون : لبث فيهم نوحٌ - عليه السلام - كما أخبر الله تعالى ألف سنةٍ إلاِّ خمسين عاماً داعياً لهم وهم على كفرهم وعصيانهم .

قال ابنُ عباس : دعا نوحٌ الأبناءَ بعد الآباءِ ، فكان الآباءُ يأتون بأولادهم إلى نوح - عليه الصلاة والسلام - ويقولون لأبنائهم : إياكم وأن تطيعوا هذا الشيخ ؛ فيما يأمركم به ، حتى بلغوا سبع قرونٍ ، ثم دعا عليهم بعد الإياس منهم ، ولبث{[58017]} بعد الطوفان ستين عاماً ، حتى كثر الناس وفشوا{[58018]} .

قال الحسن : كان قوم نوح يزرعون في الشهر مرتين{[58019]} ، حكاه الماورديُّ .

قوله «وولده » قرأ أهل «المدينة » و «الشام » وعاصم : «وَوَلَدُه » بفتح اللام والواو .

والباقون : «وَوُلْدُهُ »{[58020]} بضم الواو وسكون اللام ، وقد تقدم أنهما لغتان ك «بَخَل وبُخْل » .

قال أبو حاتم : ويمكن أن يكون المضموم جمع المفتوح ك «خَشَب وخُشْب » .

وأنشد لحسَّانٍ : [ الكامل ]

4882 - يَا بِكْرَ آمنةَ المُباركِ وُلْدُهَا*** مِنْ وُلدِ مُحْضنةٍ بِسعْدِ الأسْعَدِ{[58021]}


[58017]:في ب: وعاش.
[58018]:تقدم تخريج هذا الأثر.
[58019]:ذكره الماوردي في "تفسيره" (6/103).
[58020]:ينظر: السبعة 652، 653، والحجة 6/325، وإعراب القراءات 2/395، وحجة القراءات 725.
[58021]:رواية الديوان: يا بكر آمنة المبارك بكرها***ولدته محضنة لسعد الأسعد ينظر ديوانه 65، والبحر 8/344، والدر المصون 6/365.