التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{۞وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} (28)

{ وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء } المعنى : أن الله أهلكهم بصيحة صاحبها جبريل ولم يحتج في تعذيبهم إلى إنزال جند من السماء ؛لأنهم أهون من ذلك ، وقيل : المعنى ما أنزل الله على قومه ملائكة رسلا كما قالت قريش { لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا }ولفظ الجند أليق بالمعنى الأول ، وكذلك ذكر الصيحة بعد ذلك .

{ وما كنا منزلين } : ما كنا لننزل جندا من السماء على أحد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} (28)

ولما كان سبحانه قد جعل أكثر جند هذا النبي الكريم من الملائكة فأيده بهم في حالتي المسالمة والمصادمة وحرسه ممن أراده في مكة المشرفة وبعدها بهم ، ذكره ذلك بقوله عاطفاً على ما تقديره : وما أنزلنا على قومه قبل قتلهم له من جند من السماء يحول بينهم وبين ذلك كما فعلنا بك إذ أراد أبو جهل قتلك بالصخرة وأنت ساجد عند البيت وغيره بغير ذلك مما هو مفصل في السير ، وأما بعد الهجرة ففي غزوة الأحزاب إذ أرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً ردتهم خائبين ، وفي غزوة أحد وبدر وحنين وغير ذلك : { وما أنزلنا } بما لنا من العظمة { على قومه } أي صاحب يس { من بعده } أي بعد قتله ، وأعرق في النفي بقوله : { من جند } وحقق المراد بقوله : { من السماء } أي لإهلاكهم ، وحقق أن إرسال الجنود السماوية أمر خص به صلى الله عليه وسلم لأنه لحكم ترجع إلى النصرة بغير الاستئصال فإنهم يتبدون في صور الآدميين ويفعلون أفعالهم ، وأما عذاب الاستئصال فإن السنة الإلهية جرت بأنه لا يكون بأكثر من واحد من الملائكة ؛لأنه أدل على الاقتدار ، فلذلك قال تعالى : { وما كنا منزلين * } أي : ما كان ذلك من سنتنا ، وما صح في حكمتنا أن يكون عذاب الاستئصال بجند كثير .