الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{۞وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} (28)

قوله : { وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ } : في " ما " هذه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : أنها نافيةٌ كالتي قبلَها فتكون الجملةُ الثانيةُ جاريةً مَجْرى التأكيد للأولى . والثاني : أنها مزيدةٌ . قال أبو البقاء : " أي : وقد كنَّا مُنْزِلين " . وهذا لا يجوزُ البتةَ لفسادِه لفظاً ومعنًى . الثالث : أنها اسمٌ معطوفٌ على " جند " . قال ابن عطية : " أي : مِنْ جندٍ ومن الذي كنَّا مُنْزِلين " . ورَدَّه الشيخُ : بأنَّ " مِنْ " مزيدةٌ . وهذا التقديرُ يُؤدِّي إلى زيادتِها في الموجَبِ جارَّةً لمعرفةً ، ومذهبُ البصريين - غيرَ الأخفشِ - أن يكونَ الكلامُ غيرَ موجَبٍ ، وأَنْ يكونَ المجرورُ نكرةً . قلت : فالذي يَنْبغي عند مَنْ يقولُ بذلك أَنْ يُقَدِّرَها/ بنكرةٍ أي : ومِنْ عذابٍ كنا مُنْزِليه . والجملةُ بعدها صفةٌ لها . وأمَّا قولُه : إنَّ هذا التقديرَ يؤدِّي إلى زيادتها في الموجَبِ فليس بصحيحٍ البتةَ . وتَعَجَّبْتُ كيف يُلْزِمُ ذلك ؟