فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} (28)

{ وما أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ } أي :على قوم حبيب النجار من بعد قتلهم له ، أو من بعد رفع الله له إلى السموات على الاختلاف السابق .

{ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء } : لإهلاكهم وللانتقام منهم ، أي :لم نحتج إلى إرسال جنود من السماء لإهلاكهم كما وقع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر من إرسال الملائكة لنصرته وحرب أعدائه {[1394]} ، وذلك لأن الله أجرى هلاك كل قوم على بعض الوجوه دون بعض لحكمة اقتضت ذلك ، وعن ابن مسعود في الآية قال : يقول ما كابدناهم بالجموع ، أي : الأمر أيسر علينا من ذلك .

{ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ } أي :وما صح في قضائنا وحكمتنا أن ننزل لإهلاكهم جندا لسبق قضائنا وقدرنا بأن إهلاكهم بالصيحة لا بإنزال الجند ، وقال قتادة ومجاهد والحسن : أي ما أنزلنا عليهم من رسالة من السماء ولا نبي بعد قتله ، وروي عن الحسن أنه قال : هم الملائكة النازلون بالوحي على الأنبياء ، والظاهر أن معنى النظم القرآني تحقير شأنهم ، وتصغير أمرهم ، أي :ليسوا بأحقاء بأن ننزل لإهلاكهم جندا من السماء ، بل أهلكناهم بصيحة واحدة كما يفيده قوله : { إِن كَانَتْ } أي : العقوبة أو النقمة أو الأخذة

{ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً } .


[1394]:راجع ما ذكرناه في سورة الأنفال حول نزول الملائكة.