المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{۞وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} (28)

هذه مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم فيها توعد لقريش ، إذ هذا هو المروع لهم من المثال ، أي ينزل بهم من عذاب الله ما نزل بقوم حبيب النجار ، فنفى عز وجل ، أي أنه ما أنزل على قوم هذا الرجل { من جند من السماء } ، فقال مجاهد : أراد أنه لم يرسل رسولاً ولا استعتبهم ، قال ابن مسعود : أراد لم يحتج في تعذيبهم إلى جند من جنود الله تعالى كالحجارة والغرق والريح وغير ذلك ، بل كانت صيحة واحدة لأنهم كانوا أيسر وأهون من ذلك ، قال قتادة : والله ما عاتب الله تعالى قومه بعد قتله حتى أهلكهم ، واختلف المتأولون في قوله { وما كنا منزلين } ، فقالت فرقة { ما كنا منزلين } ، { ما } نافية وهذا يجري مع التأويل الثاني في قوله ، { ما أنزلنا من جند } ، وقالت فرقة { وما } عطف على { جند } أي من جند ومن الذي كنا منزلين على الأمم مثلهم قبل ذلك{[9789]} .


[9789]:نقل أبو حيان هذا التقرير في (البحر المحيط)، ثم علق عليه بقوله:"وهو تقدير لا يصح؛ لأن[من] في {من جند} زائدة، ومذهب البصريين- غير الأخفش- أن لزيادتها شرطين: أحدهما ان يكون قبلها نفي أو نهي أو استفهام، والثاني أن يكون بعدها نكرة، وإن كان كذلك فلا يجوز أن يعطف معرفة على النكرة، ولا يجوز مثلا: ما ضربت من رجل ولا زيد، ولا يجوز: ولا من زيد، وهو –يعني ابن عطية- قدر المعطوف بـ(الذي)، وهو معرفة، فلا يصح أن يعطف على النكرة المجرورة بمن الزائدة".