فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ مِنۢ بَعۡدِهِۦ مِن جُندٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ} (28)

لما وقع ما وقع منهم مع حبيب النجار غضب الله له ، وعجل لهم النقمة ، وأهلكهم بالصيحة ، ومعنى { وَمَا أَنزَلْنَا على قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ } أي على قوم حبيب النجار من بعد قتلهم له ، أو من بعد رفع الله له إلى السماوات على الاختلاف السابق { مِن جُندٍ مّنَ السماء } لإهلاكهم ، وللانتقام منهم : أي لم تحتج إرسال جنود من السماء لإهلاكهم كما وقع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر من إرسال الملائكة لنصرته ، وحرب أعدائه { وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ } أي وما صحّ في قضائنا ، وحكمتنا أن ننزل لإهلاكهم جنداً لسبق قضائنا ، وقدرنا بأن إهلاكهم بالصيحة لا بإنزال الجند . وقال قتادة ، ومجاهد ، والحسن : أي ما أنزلنا عليهم من رسالة من السماء ، ولا نبيّ بعد قتله . وروي عن الحسن أنه قال : هم الملائكة النازلون بالوحي على الأنبياء ، والظاهر أن معنى النظم القرآني تحقير شأنهم ، وتصغير أمرهم : أي ليسوا بأحقاء بأن ننزل لإهلاكهم جنداً من السماء ، بل أهلكناهم بصيحة واحدة كما يفيده قوله : { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة } .

/خ40