تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

{ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ } كما قال تعالى : { كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا } الآية [ الحج : 22 ] ، فلا يزالون يريدون الخروج مما هم فيه من شدته وأليم مسه ، ولا سبيل لهم إلى ذلك ، كلما رفعهم اللهب فصاروا في أعالي{[9794]} جهنم ، ضربتهم الزبانية بالمقامع الحديد ، فيردونهم{[9795]} إلى أسفلها ، { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ } أي : دائم مستمر لا خروج لهم منها ، ولا محيد لهم عنها .

/خ37


[9794]:في أ: "إلى أعلى".
[9795]:في هـ: "فيردوهم" وهو خطأ؛ لعدم وجود عامل النصب أو الجزم في الفعل، والمثبت من أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

وقوله تعالى : { يريدون } إخبار عن أنهم يتمنون هذا في قلوبهم ، وفي غير ما آية أنهم ينطقون عن هذه الإرادة ، وقال الحسن بن أبي الحسن : إذا فارت بهم النار قربوا من حاشيتها فحينئذ يريدون الخروج ويطمعون به ، وذلك قوله تعالى : { يريدون أن يخرجوا من النار } قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وقد تأول قوم هذه الإرادة أنها بمعنى يكادون على هذا القصص الذي حكى الحسن ، وهذا لا ينبغي أن يتأول إلا فيما لا تتأتى منه الإرادة الحقيقية كقوله تعالى : { يريد أن ينقض }{[4531]} وأما في إرادة بني آدم فلا إلا على تجوز كثير ، وقرأ جمهور الناس «يَخرُجوا » بفتح الياء وضم الراء وقرأ يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعي «يُخَرجوا » بضم الياء وفتح الراء ، وأخبر تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم ليسوا بخارجين من النار بل عذابهم فيها مقيم متأبد ، وحكى الطبري عن نافع بن الأزرق الخارجي أنه قال لابن عباس يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوماً «يخرجون من النار » وقد قال الله تعالى : { وما هم بخارجين منها } فقال له ابن عباس : ويحك اقرأ ما فوقها ، هذه الآية في الكفار .


[4531]:- من قوله تعالى في الآية (77) من سورة (الكهف): {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه}.