البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يُرِيدُونَ أَن يَخۡرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنۡهَاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ} (37)

{ يريدون أن يخرجوا من النار } أي يرجون ، أو يتمنون ، أو يكادون ، أو يسألون ، أقوال متقاربة من حيث المعنى ، والإرادة ممكنة في حقهم ، فلا ينبغي أن تخرج عن ظاهرها .

قال الحسن : إذا فارت بهم النار فروا من بأسها ، فحينئذ يريدون الخروج ويطمعون فيه ، وذلك قوله : يريدون أن يخرجوا من النار .

وقيل لجابر بن عبد الله : إنكم يا أصحاب محمد تقولون : إن قوماً يخرجون من النار والله تعالى يقول : { وما هم بخارجين منها } فقال جابر إنما هذا في الكفار خاصة .

وحكى الطبري عن نافع بن الأزراق الخارجي أنه قال لابن عباس : يا أعمى البصر ، يا أعمى القلب ، أتزعم أن قوماً يخرجون من النار وقد قال الله تعالى : وما هم بخارجين منها ؟ فقال له ابن عباس : إقرأ ما فوق هذه الآية في الكفار .

وقال الزمخشري : وما يروى عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس وذكر الحكاية ، ثم قال : فمما لفقته المجبرة وليس بأول تكاذيبهم وافترائهم ، وكفاك بما فيه من مواجهة ابن الأزرق لابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهر أعضاده من قريش ، وأنضاده من بني عبد المطلب ، وهو حبر هذه الأمة وبحرها ، ومفسرها بالخطاب الذي لا يجسر على مثله أحد من أهل الدنيا ، ويرفعه إلى عكرمة دليلين ناصين أن الحديث فرية ما فيها مرية انتهى .

وهو على عادته وسفاهته في سب أهل السنة ، ومذهبه : أن من دخل النار لا يخرج منها .

وقرأ الجمهور : أن يخرجوا مبنياً للفاعل ، ويناسبه : وما هم بخارجين منها .

وقرأ النخعي ، وابن وثاب ، وأبو واقد : أن يخرجوا مبنياً للمفعول .

{ ولهم عذاب مقيم } أي متأبد لا يحول .